وبالجملة ؛ فإذا صارت العين بالنسبة إلى المالك مسلوبة الماليّة فما يأخذه من الغاصب إنّما هو قائم مقام ماليّة عين ماله وتدارك عنه ، لا أن يكون تداركا وبدلا عن العين بجميع مراتب وجودها وتشخّصاتها لأنّ ملكيّة العين بخصوصيّتها باقية على ملكه وسلطنته ، وإنّما ماليّتها فقط خرجت عن سلطنته ولذلك تتدارك.
فظهر من ذلك ؛ أنّ باب الضمان إنّما يكون من قبيل باب قاعدة الميسور في التكاليف ، فكما أنّ فيها لمّا لم يمكن امتثال التكليف بنحو المطلوب كاملا فيكتفى بقدر المقدور منه ، فكذلك باب الضمان.
وأمّا ظاهر المشهور ـ كما يستفاد من كلام الشيخ قدسسره أيضا في مبحث البيع الفاسد وضمان تلف المبيع فيه ـ كون ما يعطيه الضامن تداركا عن الماليّة المسلوبة الآن إنّما هو بدل عنها وعوض عن الانتفاعات الفائتة من المالك عن ملكه لكونه ممنوع التصرّف عنه ، وإن كان قد سومح في عبارة الشيخ رحمهالله هنا من كون التدارك بدلا عن السلطنة الفائتة ، مع أنّ التدارك إنّما يقع عن نفس الانتفاعات الفائتة عن السلطنة عليها ، وإن كانت هي تتدارك تبعا أيضا.
وكيف كان ؛ وعلى كلّ حال فالتزموا في باب بدل الحيلولة كونه بدلا عن الماليّة ، وقالوا بأنّه حسب ما تقتضيه قاعدة تسلّط الناس على أموالهم ثبوت حقّ مطالبة المالك لماليّته ، ولا يمنعه عن ذلك عدم تمكّن الغاصب أن يعطيه ماليّته بشخصه إليه ، بل عليه أن يردّ إليه بدله ، فما يعطيه من البدل يصير بدلا عن ماليّته ، فلا يصير ملكا ؛ لعدم خروج عين ماله عن ملكه ، فلمّا يلزم بالنسبة إلى الملكيّة الجمع بين البدل [والمبدل منه] فلا يصير ما يأخذه بدلا عن ماليّته ملكا ، بل يكون من قبيل ما يباح له التصرّف فيه.