كان المحبوس صغيرا أم كبيرا مجنونا أو عاقلا ، ولكن لا لعدم صدق معنى الغصبيّة على آخذه أو عدم صدق اليد عليه ، لما حقّقنا من أنّ الغصبيّة لا يتوقّف صدقها إلّا على استيلاء اليد على الشيء وهو صادق على حبس الحرّ وأخذه ، فإنّ من كان له عبد فأعتقه ، ولكن لم يخل سبيله بل حبسه ، فالعرف لا يرى فرقا بين استيلائه السابق الّذي كان له عليه حين كونه عبدا وبين استيلائه عليه الآن بعد ما صار حرّا ، وكذلك يصدق على فعله ذلك وحبسه الحرّ أنّه ذو يد عليه ، وأنّه أخذه واستولى عليه ، بل لأنّ مناط الضمان في باب الغصب على ما بيّنا من كونه مساوقا لقاعدة اليد أنّه لا يوجب أخذ شيء والاستيلاء عليه الضمان إلّا أن تصدق هذه القاعدة عليه صدرا وذيلا ، وفي حبس الحرّ والاستيلاء عليه وإن كان يصدق الأخذ إلّا أنّه يصدق ذيل القاعدة وهو الأداء ، فإنّه يتوقّف على أن يكون المأخوذ غير المأخوذ منه حتّى يؤدّي إليه.
وأمّا الكلام في منافعه ففيما إذا لم يكن صانعا ، وما استوفى الآخذ منه شيئا ، فالأمر فيه واضح ، ويظهر حكمه ممّا قلنا في عدم الضمان.
وثانيهما : هو أن يأخذه ويستولي عليه ويحبسه في محلّ مخطور من مسبعة أو غيرها بحيث يكون ذاك المحلّ غير مأمون عادة ، أو يحبسه ويقصّر في القيام بأداء وظائف المحبوس ممّا يتوقّف عليه حياته عادة ، وهذا يختلف باختلاف الأشخاص صغرا وكبرا ، قوّة وضعفا أو غيرها.
وبالجملة ؛ فلو لم يقم الحابس على أداء ما يتوقّف عليه تعيّش المحبوس وإمرار حياته ، بحيث لو مات لم يستند عند العرف إلى موته حتف أنفه ، فلا ريب في كون الحابس في هذه الصورة ضامنا للحرّ لو تلف ، ويدخل في باب القصاص والديات ، فتأمّل!