وأمّا الكلام في ضمان منافعه ، وفيما إذا لم يكن الحرّ صاحب صنعة ، وما استوفى الحابس والآخذ منه شيئا ، فيظهر حكمه ممّا قلنا من عدم الضمان بالنسبة إلى نفسه ، وليس سبب عدم الضمان أيضا بعدم صدق الأخذ واليد بالنسبة إلى الحرّ حتّى يقال بأنّه إذا لا يصدقان على أصله فالمنافع تابعة له ، لما عرفت من بطلان هذا الكلام ، بل المناط في عدم الضمان هو عدم صدق الأداء بالنسبة إلى منافعه أيضا ؛ لأنّ الأداء إنّما يتوقّف بأن يكون المؤدّي غير المؤدّي إليه ، ولا يصدق ذلك في أداء منافع الشخص بالنسبة إلى نفسه ، مع أنّه سابقا أشرنا إلى أنّه لا تعتبر الماليّة لمنافع الحرّ ، وإنّما سلطنته على نفسه حكم شرعي ، وقدرة محضة بلا اعتبار حكم وضعيّ يورث الضمان أصلا.
وأمّا فيما إذا استوفى منه منافع ، فالظاهر ضمانه اجرة منافعه المستوفاة منه ، لأنّ عدم اعتبار الماليّة لمنافعها وعدم الضمان بالنسبة إليها تبعا لعدم ضمان نفسه إنّما كان ما لم تجئ المنافع في عالم الوجود ، وإلّا فبعد تحقّقها في الخارج فكما يبذل بإزائها المال فكذلك يعتبر لها الماليّة ، فيدخل في باب الإتلاف مضافا إلى احترام عمل المسلم.
وأمّا لو كان المحبوس ذا صنعة ولم يستوف الحابس منه شيئا ، فقد يتوهّم لكونه ذا صنعة وقد منعه عن استيفائه من منافعه ، وليست منافعه كمن ليس ذا صنعة ؛ لأنّه لا يفرض له منافع فعليّة ، بل هو على قابليّته الصرفة لأن يوجد له المنافع ، فيصير ذا مال باق ، فمنافع الحرّ الّذي ليس صاحب صنعة فعلا هي قوّة محضة ، ولذلك لا يعتبر لمثلها عند العرف الماليّة ، بخلاف الحرّ الّذي صاحب صنعة بحيث لو خلّي سبيله لكان يستفيد من صنعته كلّ يوم مقدارا من المال ،