من وجه لو أبقيناهما على ظهورهما ، فيقع التعارض بين الجمود على ظواهر الأخبار ـ مع أنّ جملة منها ظاهرة في كون المحدث في غير الملك قابلا لصحّة استناد التلف إلى المحدث ـ والأخذ بها (١) و [بين] ما يراه العرف والعقلاء ملاكا لصحّة استناد التلف ، ولو كان الموجب له في ملك نفسه بحيث لا يصدق المباشرة.
فيدور الأمر بين حمل ما يظهر من بعض الأخبار من بيان الحدّ على التنظير والتمثيل ، وتعيين المصداق العرفي مقدّمة لبيان الحكم لا للتحديد ، أو حملها على تعيين الضابط وردع العقلاء عمّا هو ملاك صدق الإتلاف عندهم.
ولا إشكال في أنّه لمّا كان الإتلاف معنى عرفيّا وموضوعا عقليّا لا ربط له بالشارع ، ولا مدخليّة لتصرّفه فيه ، لكونه مفهوما ارتكازيّا ، فلا بدّ من حمل الأخبار الظاهرة في خلاف المعنى الارتكازي ، مثل ما يستفاد منها كون ملاك الضمان في حفر البئر هو أن يكون البئر في غير الملك ، على ما لو كان ذلك موجبا لصحّة استناد التلف إلى الحافر ولو كان المباشر غيره ، إلّا أنّه يقع بحيث يرى اختيار المباشر الّذي هو سبب قريب تحت اختيار السبب البعيد وهو الحافر ، لا ما إذا لم يكن كذلك مثل ما مثّلنا به من حفر البئر في برّ غير معتاد العبور منه أصلا ، أو كان في طريق المسلمين ، ولكن كان ذلك لأن ينتفعوا به ، بمعنى أنّ الحفر يرجع إلى مصالحهم ، مع عدم تقصير الحافر في ما هو من لوازم إيجاد البئر في الطريق بحيث يكون الناس مأمونين عن الوقوع فيه ، وغير ذلك من الموارد الّتي لا ينطبق عليها المعنى الارتكازي العرفي للإتلاف ، بحيث يصحّ الاستناد إلى محدث البئر.
__________________
(١) مرّ آنفا.