الدائن من دينه في مقابل تعجيله فلا تشمله ادلة حرمة الربا بل تشمله ادلة الحل كما سيأتي ، وحينئذ كيف نسري الحكم الى الشبيه ؟! ومما يقوله الاصوليون هنا : إننا اذا شككنا في حرمة هذه المعاملة ( حط وتعجل ) والشبهة حكمية طبعا فلا يجب التحرز عنها ونجري اصالة البراءة من الحرمة ، فملخص هذا الرد هو أن القياس الذي استدل به ليس بحجة ولتوضيح ذلك نقول : إن كل قياس له اركان اربعة :
الاصل : وهوالجزئي الاول المعلوم ثبوت الحكم له ( كالزيادة مع النظرة في المثال ).
الفرع : وهو الجزئي الثاني المطلوب اثبات الحكم له ( كالتنازل عن جزء من الدين في مقابل دفع الباقي للدائن في المثال ).
الجامع : وهو جهة الشبه بين الاصل والفرع ( كجعل مقدار من الثمن للزمان ).
الحكم : وهوالمعلوم ثبوته في الاصل ، والمراداثباته في الفرع ( كالحرمة في المثال ).
وهذ القياس بأركانه الاربعة الذي يسمى في عرف المناطقة ( التمثيل ) لا يفيد إلاّ الإحتمال ، حيث لا يلزم من تشابه شيئين في أمر أو اُمور أن يتشابها في الحكم ايضا ، نعم كلما قويت وجوه الشبه يقوى عندنا الاحتمال حتى يكون ظناً ، وهو في هذه الحالة لا يخرج عن ( القيافة ) التي لا تغني من الحق شيئا.
نعم : قد نستفيد ان الجامع ( جهة المشابهة ) العلة التامة لثبوت الحكم في الاصل كما جاء عن الإمام الرضا عليهالسلام « ماء البئر واسع لا يفسده شيء ... لأن له مادة » (١).
وبما أن العلة لا يتخلف عنها معلولها ، فنستنبط على نحو اليقين أن الحكم ثابت في الفرع لوجود علته التامة. ولكن إثبات أن الجامع هو العلة التامة لثبوت الحكم في المسائل الشرعية ليس لنا طريق إليه إلاّ من ناحية الشارع نفسه ، كما إذا نص الشارع على العلة بنفسه ، وحينئذ يخرج عن اسم القياس باصطلاح الفقهاء ، ويسمى قياساً منطقياً هو معنى البرهان الذي هو حجة. وحينئذ اذا عرفنا ذلك
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١ ، باب ١٤ من ابواب الماء المطلق ، ح ٧ صحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع.