فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزوجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي اهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما » وقد روى هذا الحديث مئة من الصحابة وعشرة ، ورواه من التابعين اربعة وثمانون تابعيا ، ورواه من أئمة الحديث وحفّاظه ثلاث مئة وستون نسمة (١).
٢ ـ ثم نرجع الى مناقشة النصوص الثمانية المتقدمة التي تحرم ( حطّ وتعجّل ) فنقول : بعد الغض عن اسنادها ، وقولنا إنها آثار شرعية منتسبة الى الشارع المقدس ، يحصل هنا تعارض بدوي بين القاعدة الاولية والنصوص التي تقول إن ( ضع وتعجل ) ليس به بأس فهو جائز ، وبين هذه الآثار التي تنهى عنه. ومقتضى الجمع العرفي بين هذه الآثار هو حمل الآثار الثمانية على كراهة هذه العملية ( ضع وتعجل ) ، ومعنى الكراهة هو أن الترك اولى من الفعل ، الا أن الفعل جائز ، وسرّ حملها على الكراهة هو ان النصوص الثمانية التي تحرم هذه العملية تحرمها بواسطة النهي او الكراهة او تنزيل هذه العملية منزلة الربا ، بينما روايات الجواز هي صريحة في الجواز ، فنحمل روايات النهي على النهي الكراهتي ، للنص الصريح المجوز ، اذ يكون هذا النص الصريح المجوز قرينة على أن المراد من النهي هو الكراهة الاصطلاحية ، وكذلك يكون النص الصريح المجوز حاملا للتنزيل على التنزيل في الترك لا الحرمة. ثم ان بعض الآثار الثمانية ليس فيه نهي كما هو الحال في الاثر السادس الذي يقول فيه زيد بن ثابت ( لا آمرك أن تأكل هذا ولا تؤكله ).
نعم ان الاثر الاول من الاثار الثمانية يقول : ان حط وتعجل هو ربا ، وهذا الاثر يتعارض مع النصوص الصحيحة المجوزة لهذه العملية ، اذ إن جواز هذه العملية لابد أن يكون من باب أنها ليست ربوية وليست محرمة بالكلية ، فالاثر
__________________
(١) راجع كتاب الغدير ، للعلاّمة الاميني.