بالدائن ، وشخصية المدين أخطر في هذه الرابطة من شخصية الدائن.
ثانيهما : إنه من غير الطبيعي ان يسلّم نظام قانوني بانتقال الدَّين بين الاحياء من مدين الى آخر ، وهو لم يعترف بانتقاله بسبب الموت ، لأنَّ تصور قيام الوارث مقام الميت أسهل من تصور قيام شخص مقام من هو حي يرزق كما مضى ، والاسلام لا يعترف بانتقال ديون الميت الى الوارث.
وهنا يواجه السنهوري فتاوى فقهاء السنة الذين أفتوا بحوالة الدَّين بين الاحياء ، ولم يفتوا بانتقال الدَّين بالموت الى الوارث ولا بحوالة الحق إلاّ في المذهب المالكي الذي اعترف به في الجملة ، لذا فان السنهوري أخذ يفسر هذا بالنحو الذي لا يعارض ما ذكره ( من عدم امكان معرفة حوالة الدَّين قبل معرفة حوالة الحق ) ، و ( عدم امكان معرفة انتقال الدَّين بين الاحياء قبل معرفة انتقاله بالموت ) ، ثم ذكر شواهد على تفسيره من كتب اهل السنة ( العامة ) ، وبعد ذلك يصل الى ان الحوالة ( حوالة الدَّين ) يجب صرفها عن معنى الحوالة بمعناها الدقيق ( وهو الحوالة المطلقة غير المقيدة بالدَّين ) ، الى معنى الوفاء الذي يفسر على اساس التجديد بتغيير المدين ، وتوضيح ذلك أن المدين يوفي ( عن طريق ما يسمى بالحوالة ) الدَّين الذي عليه للدائن بالحق الذي له في ذمّة المحال عليه ، فالمدين بدلاً من أن يستوفي حقه من المحال عليه ثم يوفي ( بهذا الحق الذي استوفاه ) دَينه الذي عليه للدائن ، يختصر هاتين العمليتين في عملية واحدة ، فيقضي الدَّين الذي عليه بالحق الذي له دون أن يستوفي شيئاً من مدينه او يوفي شيئاً لدائنه ، بل يقتصر على أن يحيل دائنه على مدينه ، وهذا لا يعني الاعتراف بفكرة الحوالة بمعناها العام ، وإلاّ لأعترفوا بها في الحوالة على البريء.
وكأنَّ الدكتور السنهوري التفت الى وجود طريق آخر لعلماء السنة ، فقد يقولون له : أن الحوالة على المدين يمكن ارجاعها الى حوالة الحق بأن يفترض أن المحيل في الحقيقة قد نقل ( الحق الذي كان له على المحال عليه ) الى دائنه ، فيكون