الاشباع او التمتع في المستقبل اكبر من التمتع الحالي » (١).
أما في المدرسة الثانية : فقد عرّف كينز الفائدة بأنها : « ثمن النقود ، أي ثمن النزول عن السيولة » (٢) وبما أن السيولة النقدية يزداد الطلب عليها لأسباب متعددة فان من يتنازل عن السيولة قد ضحى بها ، ومن حقه أن يطلب فائدة على تضحيته بهذه السيولة النقدية لماله.
ومن الواضح أن مقصود كينز هو التنازل عن السيولة لمدة معينة يتفقان عليها ، حيث إن المال يرجع الى صاحبه بعد المدة بسيولته ، فليست الفائدة هي التنازل عن السيولة مطلقا ، ومن الواضح أن المدرستين تتفقان في تسويغ الفائدة للدائن على اساس الايثار من الدائن الى المدين.
اما المدرسة الثالثة : فهي تسوّغ الفائدة على أساس أنها مخاطرة أقدم عليها الدائن قد تفقده ماله اذا عجز المدين في المستقبل عن الوفاء وتنكّب له الحظ ، فكان من حق الدائن أن يحصل على أجر ومكافأة على مغامرته بماله لأجل المدين وهي الفائدة.
وأما المدين فبالعكس قد حصل على التمتع الحالي بدلا من التمتع في المستقبل ، والتمتع الحالي يُفضَّل على التمتع في المستقبل ، كما أنه قد حصل على السيولة النقدية المالية بدلا عن السيولة المستقبلية حسب رأي المدرسة الكينزية ، فمن واجبه ان يدفع أجرا لقاء هذه المكافأة التي قدمت له من غيره.
نقول : لقد قلنا سابقا ان الايثار والمخاطرة ليسا من عوامل الكسب في النظرية الاسلامية حيث إنهما ليسابسلعة يقدمانها حتى يطلب ثمنها ، وليسا هما عملا قد انفق على مادة ليكون من حقهما تملكها او المطالبة بأجر على ذلك من مالكها. فقد ذكر السيد الشهيد الصدر رحمهالله أن المخاطرة : « انما هي حالة شعورية خاصة تغمر الانسان وهو يحاول الاقدام على أمر يخاف عواقبه ، فاما أن يتراجع انسياقا مع
__________________
(١) الدخل القومي والاستثمار ، د. خزعل البيرماني ، ص ١٦٥.
(٢) الاقتصاد السياسي ، د. رفعة المحجوب ، ج ١ ، ص ٤٢٩.