للتملك والكسب اي على نشاطه الاقتصادي فحسب ، بل الذمّة وصف تصدر عنه الحقوق والواجبات جميعها وان لم تكن مالية كالصلاة والصيام والحج ، او كانت مالية ذات صبغة دينية كالزكاة وصدقة الفطر والعشر والخراج. ومن ثم كان نطاق الذمّة واسعاً في الفقه الاسلامي حتى قال صاحب كتاب فخر الاسلام ( اليزدوي ) إن الذمّة لا يراد بها إلاّ نفس الانسان.
وتبدأ الذمّة ببدء حياة الانسان وهو جنين ، فتكون له ذمّة قاصرة ، إذ يجوز أن يرث وأن يوصى له وأن يوقف عليه. ثم يولد حيّاً فتتكامل ذمّته شيئاً فشيئاً في المعاملات والعبادات والحدود حتى تصير كاملة ، وتبقى ذمّة الانسان ما بقي حيّا وتنتهي بموته ، وانتهاء الذمّة بالموت تختلف فيه المذاهب » (١).
وهذا المعنى الذي ذكره السنهوري مأخوذ من تعاريف علماء السنة ( أهل العامة ) للذمّة ؛ فقد قال صاحب تنقيح الاصول إن الذمّة : « وصف شرعي يصير به الانسان اهلا لما له وما عليه » (٢). وقد عرَّفها صاحب حاشية الحموي على الاشباه والنظائر بانها : « امر شرعي مقدر وجوده في الانسان يقبل الالزام والالتزام » (٣).
ويعلل صاحب كتاب ( مرآة الاصول ) ما تقدم بما خلاصته : « ان الله تعالى قد ميّز الانسان عن سائر الحيوان بخصوصية من قوى ومشاعر كانت سبباً في أهليَّته لوجوب أشياء له وعليه ، فتلك الخصوصية هي المراد بالذمّة » (٤).
والملاحظ على هذه التعاريف اُمور كثيرة منها :
١ ـ ما ذكره الاُستاذ مصطفى الزرقاء من ان هذه التعاريف تجعل الذمّة ملازمة لأهلية الوجوب مع اننا نعرف أن اهلية الوجوب كما يصطلح عليها العلماء
__________________
(١) مصادر الحق ، السنهوري ، ج ١ ، ص ٢٠ ـ ٢١.
(٢) ج ٣ ، ١٥٢ عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد لمصطفى الزرقاء ، ج ٣ ، ص ٢١٢.
(٣) ج ٣ / ٢١٠ عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، لمصطفى الزرقاء ، ج ٣ ، ص ٢١٢.
(٤) للعلامة ملا خسرو ( بحث المحكوم عليه ص ٣٢١ ) عن الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٧.