هي ( قابلية الانسان لثبوت الحقوق له وعليه ) ويعبَّر عنها بصلاحية الالزام والالتزام. فصلاحية الالزام وهي قابلية الانسان لثبوت الحقوق له هي ثابتة منذ كونه جنينا كما ذكر ذلك الفقهاء فقالوا بصلاحية الجنين لان يوصى له او يوهب او يملك او يرث ، وهذا متفق عليه. واما صلاحية الالتزام اي ثبوت الحقوق عليه فهي تتوقف على أمرين :
أ ـ أهلية ( قابلية ) الانسان لأن تجب عليه حقوق.
ب ـ محل مقدّر يتسع لاستقرار تلك الحقوق فيه.
وفي الحقيقة ، ان الذمّة هي الامر الثاني من الأمرين ، وإن كان الامران متلازمين في الوجود ، ولكنهما متغايران في المفهوم ، فانه يلزم من كون الشخص أهلا لتحمل الحقوق أن يكون في شخصه مستقر ومستودع لها ، واذا كان للشخص مستودع ومحل للحقوق ثبت كونه اهلا للتحمل. إذن متى اعتبرت للشخص اهلية التحمل شرعا اعتُبرت له ذمّة ، ومتى اُعتُبرت له ذمّة اعتُبرتا له أهلية التحمل ، ولكن ليست تلك الاهلية هي الذمة نفسها ، بل بينهما من الفرق ما بين معنى القابلية ومعنى المحل (١).
والدليل على التغاير في المفهوم مع التلازم في الوجود بين مفهومي الذمّة وأهلية التحمل هو أن الفقهاء في عباراتهم يصورون الحق والذمّة في صورة الشاغل والمشغول ، فيقولون : « إن ذمّته مشغولة بكذا » ويقولون : « إن الدَّين في الذمّة وصف شاغل لها » فهذا يفيد ان الذمّة غير أهلية الوجوب التي هي مجرد قابلية ، فلا يصح أن يقال مثلا : « إن أهليته او قابليته مشغولة بالدَّين » (٢).
٢ ـ ويمكن ان يورد على السنهوري ايراد آخر وهو مخالفة ما ذكره لما قاله
__________________
(١) الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٢) الفقه الاسلامي في ثوبه الجديد ، ج ٣ ، ص ٢١٣ ـ ٢١٤.