قد كان أبي يبيع الحناء كذا وكذا خرطة » (١). وهاتان الروايتان ظاهرتان في جواز بيع الخرطات التي توجد فيما بعد فهي من بيع المعدوم حالاً المحقق الوجود مآلاً ولا غرر فيه.
إن ادلة عقد الاجارة كلها دليل على جواز بيع المعدوم حالاً المحقق الوجود مآلاً « فالاجارة هي بيع المنافع المستقبلة ، والمنافع ليست موجودة حالاً ولكنها ستوجد مستقبلاً » وقد اجاز الشارع عقد الاجارة بنصوص واضحة كثيرة مع شروط تخرجها عن الغرر (٢).
ونكتفي بهذا القدر من النصوص الشرعية التي تدل على أن بيع المعدوم اذا لم يكن فيه غرر ( خطر ) فهو صحيح وهذا هو الاصل والقاعدة كما في بيع الموجود اذا لم يكن فيه خطر. واما بيع المعدوم والموجود معاً اذا كان فيه خطر وغرر فهو باطل لنهي النبي صلىاللهعليهوآله عن بيع الغرر. وعلى هذا فالاصل والقاعدة هو عدم جواز بيع الغرر ، فاذا جوزت الشريعة او الفقهاء بيع غَرر خاص يكون استثناءً للاصل ، أما هنا فبيع المعدوم لا يوجد اصل في عدم جوازه ، بل ما تقدم من النصوص تصرح بأنَّ الاصل فيه الجواز اذا كان بعيداً عن الغرر. وعلى هذا فَسوف يكون بيع السلم على الاصل لما فيه من الشروط والقيود التي تخرجه عن كونه بيعاً غررياً « فالمسلَم فيه معين محقق الوجود مآلاً ، ومقداره معيّن بالكيل أو الوزن أو العدّ أو الذرع الذي يرفع الاختلاف والجهالة ، والثمن معلوم يدفع مقدماً ، ووقت التسليم محدد ايضاً بحيث لا يحتمل الزيادة والنقيصة ، وان يكون المسلم فيه موجوداً حين الاجل غالباً » وعلى هذا فكيف صار جوازه استثناءً وقد صرحت الشريعة بكل ذلك ؟!
__________________
(١) المصدر السابق ، ح ٣.
(٢) راجع وسائل الشيعة ، ج ١٣ باب ١ ـ ٣٥ من الاجارة توجد روايات متعددة تدل على صحة عقد الاجارة ، فلا يصلح ان يقال : ان الاجارة أجازها الفقهاء استحساناً. راجع مصادر الحق في الفقه الاسلامي ، ج ٣ ص ٣٤.