باعه بعد القبض ، وهذا قول ذهب اليه الحنفيّة والشافعية والحنابلة والزيدية وابن تيمية. (١)
والجواب بالعدم اذ القدرة على التسليم قد تكون موجودة حتى مع عدم قبض المشتري ، كما انها قد لا تكون موجودة حتى مع قبضه كما لو غُصبت بعد القبض.
٣ ـ هل يمكن ان تكون الحكمة هي الوقوف ضدّ المعاملات الوهمية التي لا قصد اليها كما هو الواقع في اسواق البورصة العالمية التي يكون القصد فيها غالباً هو انتظار تقلبات الاسعار للحصول على ربح ، وهو ما يسمى بالمضاربة الاقتصادية ؟
والجواب : ان كلامنا هو في صورة القصد الى البيع الحقيقي لإخراج كل البيوع التي لا قصد فيها الى تسلّم المثمن كما هو الجاري في البورصات العالمية التي لا يكون التسليم والتسلم فيها الا بمقدار ١ % كما اتضح هذا عند المناقشات التي جرت في مجمع الفقه الاسلامي في دورات سابقة. بالاضافة الى انتقاض هذا ببيع غير المكيل او الموزون قبل قبضه كما جوزت ذلك الروايات السابقة.
٤ ـ وقد يقال (٢) : إن الحكمة في النهي عن بيع المكيل او الموزون قبل قبضه هو التيقن من حصول القصد الحقيقي للبيع ، فإنَّ قبض السلعة ووضعها في المخازن يجعل المشتري في حالة من الجدية بحيث لا يشك احد في وجود قصده الحقيقي للشراء ، بينما عدم القبض لم يجعل قصده واضحاً للآخرين وإن دفع الثمن ، حيث
__________________
(١) راجع الصدّيق الضرير ، رسالة في السلم ، ص ٢٧.
(٢) هذا القول ذهب اليه المالكية ، وقد ذهب اليه من قبلهم ابن عباس حين قال في بيع الطعام قبل قبضه ذلك دراهم بدراهم والطعام مرجأ ( اي مؤجّل ، من الارجاء والتأخير ) ( صحيح البخاري ٣ / ٦٨ ) كما ذهب اليه زيد بن ثابت وابوهريرة حين قالا لمروان أحللت بيع الربا ، عندما رأيا الناس يتبايعون صكوك الطعام قبل أن يستوفوها. راجع الموطّأ مع المنتقى ج ق ، ص ٢٨٥ و صحيح مسلم مع شرح النووي ، ج ١٠ ، ص ١٧١. وهذا التعليل ـ كما يقول الشوكاني ـ أجوَد ما علال به النهي لأنّ الصحابة اعرف بمقاصد الرسول صلىاللهعليهوآله ، راجع الصديق الضرير ، رسالة في السلم عن نيل الاوطار ، ج ٥ ، ص ١٦٩ الخ.