إذن : ما ذكره الاستاذ النمر من عدم ضرر على البنك إذا أعطى الربا القرضي هو كلام غير مسؤول من قبل من يدعي أنه يعرف التشريع الاسلامي ، مع أن التشريع الاسلامي الذي بأيدينا من أحكام هو عبارة عن نظريات اقتصادية اسلامية تكشف عن المذهب الاقتصادي في الاسلام ، لذا لا يجوز لمن يتبع الذهنية الرأسمالية أن ينظر الى الأحكام الاسلامية من ناحية النظرة الرأسمالية ، بل الأحكام الاسلامية تختلف في أساسها عن النظام الرأسمالي الموجود الذي يحلل الربا « القرض بفائدة » استناداً منه الى جواز أن يكون رأس المال داخلاً في أحكام الاجارة ، وقد رأينا أن الاسلام يمنع هذا أشد المنع ، وما الآيات القرآنية الناهية عن الربا والروايات الكثيرة إلاّ شاهد ودليل على عدم السماح لرأس المال أن ينمو عن طريق الاجارة في الاسلام.
تنبيه و تعميق للنظرية : لعل النمر يرتدع عن الفتاوى التي تخالف نصوص الاسلام ، فهنا نريد أن نحلل للاستاذ النمر بعض النصوص التي عليها فتاوى فقهاء الاسلام ، و خلاصة ما نقول : هو أنه توجد عندنا فتويان :
الأولى : هي ما تقدم الاشارة إليها ، وهي جواز اجارة أدوات الانتاج وجواز الكسب الواقع على هذه الاجارة باتفاق علماء الاسلام.
الثانية : عدم جواز اجارة رأس المال النقدي وعدم جواز الكسب الواقع على هذه الاجارة ، وهذا الحكم هو مورد وفاق علماء الاسلام الملتزمين بالنصوص القرآنية و الروائية.
وهنا قد يتساءل النمر فيقول : إذا كان بالامكان اجارة أداة الانتاج بما انها عمل مختزن ، وكذلك يجوز اجارة البيت للعلة نفسها ، فكذلك يجوز اجارة رأس المال النقدي ، فأي فرق بينهما ؟
وفي الجواب عن ذلك : نقول : إن الاسلام عندما سمح لأداة الانتاج أن تؤجر وكذلك الأمر في البيت ، وكذلك الأمر في ايجار الانسان نفسه للعمل ، فان هذا يكشف عن قاعدة ايجابية في الفقه الاسلامي ، هي : أن العمل المباشر والعمل