المختزن هوجهد ، فالاجرة التي يتسلّمها عن العمل المباشر تكون في مقابل الجهد الذي بذله العامل مباشرة ، و كذلك الأمر في الدار وأداة الانتاج ، فانه عمل مختزن فيكون جهداً قد تم انفصاله عن العامل ، وحينئذ تكون الاجرة في مقابل العمل المختزن ، إذن تكون الاجرة في كل هذه الأمثلة هي في الحقيقة اجرة على عمل.
أما بالنسبة الى رأس المال و منعه من النمو عن طريق الاجارة ، فان هذا أيضاً قاعدة ، إلاّ أنها عكس القاعدة الأولى ، وهي عبارة عن : « أن كل كسب لا يسوغه عمل منفق فهو حرام » ، وما نحن فيه هو أحد مصاديق هذه القاعدة ، وتوجد مصاديق اخرى لها. مثلاً ، إذا أجرتُ داراً بخمسين ديناراً ثم أجرتها بالسعر نفسه مع سكناي في الدار ، أو بأكثر من السعر مع عدم سكناي في الدار ، فهنا يوجد كسب لي من دون عمل. وهذا لا يجوز ، كما عليه جملة من علماء الاسلام (١) وفي هذا الحكم نصوص كثيرة منها :
صحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما ( الإمامين الباقر أو الصادق عليهماالسلام أنه سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ، و يدفعه الى آخر فيربح فيه قال : « لا ، إلاّ أن يكون قد عمل فيه شيئاً » (٢).
وصحيحة محمد بن مسلم الثانية ، عن أحدهما عليهالسلام قال : سألته عن الرجل الخياط يتقبل العمل فيقطعه و يعطيه من يخيطه و يستفضل ، قال : « لا بأس قد عمل فيه » (٣).
وصحيحة الحلبي ، عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « لو أن رجلاً استأجر داراً بعشرة دراهم فسكن ثلثيها وأجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ،
__________________
(١) كالسيد المرتضى والحلبي والصدوق وابن البراج والشيخ المفيد والشيخ الطوسي / راجع المبسوط للشيخ الطوسي / ج ٣ ص ٣٣٦ / عن اقتصادنا للسيد الشهيد الصدر / ص ٦٠٧.
(٢) وسائل الشيعة / ج ١٣ / باب ٢٣ من أحكام الاجارة / ح ١ / ص ٢٦٥.
(٣) المصدر نفسه / ح ٥.