للغير كما هو من دون استهلاك ولا نقص ، فيكون ما أخذه في مقابل الاجل بالإلزام والشرط هو كسب من دون عمل ، وهو لا يجوز شرعاً ولا يجوز من ناحية الاقتصاد اذ هو معنى ما يقال عن هذه العملية ( من تحرك الميزان التجاري من جانب واحد ) وهو لا يجوز اقتصادياً ، لان الذي يأخذ شيئاً في المفهوم الاقتصادي التجاري لابد ان يعطي شيئا من عمل مخزون او مباشر (١). وقد يقال إن المقرض قد اعطى مقابلاً الى المقترض ( عندما تسلّم النقد المحتاج اليه وملّكه اياه مع الضمان ) وهو « اتاحة فرصة الانتفاع » وحينئذ يحق للمقرِض أن يأخذ زيادة على المال في مقابلة اتاحة فرصة الانتفاع. ولكن نقول : إذا كانت إتاحة فرصة الإنتفاع ذات قيمة معينة ، اذن فلكل واحد من الناس إذا اتاح فرصة الإنتفاغ لغيره ( من دون استهلاك في السلعة المنتفع بها ) أن يأخذ منه فائدة ، ولكن لا قائل بهذا في الفقه الإسلامي الإمامي. ولعل السر هو أن أتاحة فرصة الإنتفاع هي حكم شرعي ، بمعنى يجوز لمالك المال أن يقدم فرصة الإنتفاغ بماله الى غيره ، ويجوز له ان لا يقدم ، وحينئذ لا يكون هناك حق لصاحب المال ، واذا لم يكن هناك حق فلا يجوز له أن يقابله بالمال (٢).
نعم : ان إتاحة فرصة الإنتفاع بالمال مع المشاركة في الخسارة ـ ان وجدت ـ كما في عقد المضاربة هما معا يسوغان الربح المحتمل ، لانه يعبر عن تحرك الميزان من
__________________
(١) ومن الطبيعي في العقود الربوية المشترط فيها الزيادة في عقد القرض ، والملزمة للمقترض ، لا يمكن القول بان الدافع قد تبرع بالزيادة الى المقرِض حتى تكون صحيحة ، اذ لا يجتمع الإلزام بالزيادة من قبل المقرض والتبرع من قبل المقترض.
(٢) الفرق بين الحكم والحق هو : أن الحق قابل للاسقاط بينما الحكم غير قابل للاسقاط ، وثانيا : ان الحق يقابل بالمال بينما الحكم لا يقابل بالمال. ويمكن ان يستدل على ان تقديم فرصة الإنتفاع بالمال الذي أملّكه لغيري هو حكم شرعي وليس حق ، بهذا البيان : نقول لو قلت لغيري ( اسقطت حقي في أن انفعك بهذا المال ) فانني لو قلت ذلك مئة مرة فلا يسقط حقي في ان انفعك به بواسطة القرض ، فمن هذا نستدل على ان حقي في انتفاعك يمالي بواسطة القرض هو حكم لا حَقْ ، ولو كان حقاً لسقط هذا الحق الذي لي.