المختزن فيها.
وكذلك إذا باع الإنسان سلعته ، فإنه قد حوّل العمل المختزن ( الذي اوجده هو أوْ ملكه بالشراء ) في السلعة الى الغير وأخذ في مقابله كمية من المال ، وهذا أيضا قد أجازه الشارع المقدس ، والادلة على ما قلناه هي ما ورد من الاحاديث الشريفة في باب الاجارة والبيع الواردة في كل المجاميع الفقهية الإسلامية. اما بالنسبة للنقود : فبما أن القرض هو عبارة عن تمليك الغير النقد مع الضمان ، فاذا أقرضت مئة دينار ، فاكون أنا قد ملّكت المقترض هذا المبلغ مع اشتراط ضمانه للمال يدفعه بعد سنة مثلاً ، وكذا الامر في إقراض السلع المثلية او القيمية ، فان معنى قرضها هو تمليك المقترض السلعة وان كانت قيمية مع اشتراط ضمان المقترض لقيمتها وقت القرض.
إذا عرفنا ذلك : فالادلة القائلة بان القرض لا تجوز فيه الزيادة تدلنا على أن الشارع المقدس لم يُجوّز لنا أن ننمي ثروتنا عن طريق الإقراض للنقد او للسلع ، حيث اننا إذا اقرضنا النقد او السلعة ( وهو معنى تمليكها مع الضمان ) وأخذنا في مقابل الأجل شيئاً فحينئذ يكون المقرض قد أخذ شيئا من دون أن يعطي شيئا ومن دون أن يُستهلك شيء من نقده او سلعته ، لان المقترض يجب عليه أن يرجع النقد الذي اقترضه كما هو ، ويرجع ما اقترضه إن كان سلعة قيمية بقيمتها حين الإقتراض ، ويرجعه بمثله إن كان المال المقترض سلعة مثلية ، من دون استهلاك او نقص للسلعة المقترضة ، وعلى هذا سوف يكون ما قد أخذه المقرض في مقابل الأجل اكلاً للمال بالباطل ، وقد نهانا القرآن الكريم عن اكل المال بالباطل قال تعالى : ( لا تأكُلُوا اموالَكُم بينَكُم بالبَاطِلِ إلاّ أَن تكُونَ تجارةً عن تراض مِنْكُم ) (١).
وبعبارة اخرى : إن المقرض إذا كان من المفروض ان يُرجَع إليه ما أقرضه
__________________
(١) النساء ، ٢٩.