مقابل الأجل بقولهم : « إن للاجل قسطاً من الثمن » ، ولكن هذا التعليل هو الذي جاء لنا بالشبهة القائلة : « إن الشارع المقدس قد حرّم الزيادة في مقابل الأجل كما في القرض ، فلماذا أحلها في مقابل الأجل في بيع النسيئة ؟ فما هو الفرق بين الصورتين ».
نقول : إن هذا الفرق هو الذي نريد بيانه هنا ( خصوصاً وأن بعض الفقهاء قد حرّم (١) هذه الزيادة في مقابل الاجل في بيع النسيئة ) ، وسوف نبين الفرق على مستويين :
١ ـ إن الفرق بين الصورتين على مستوى الادلة الشرعية هو شيء واضح جلي ، حيث ان الادلة الشرعية دلت على جواز الزيادة في بيع النسيئة بداعي الاجل ( النسأ ) ، ودلت الادلة الشرعية ايضا على حرمة الزيادة في مقابل الأجل في عقد القرض.
٢ ـ إن الفرق بينهما على مستوى النظرية الإسلامية هو شيء يحتاج الى بيان اي عندما نتدرج من الاحكام والادلة نعرف السرّ الذي فرَّق بين الصورتين وهو معنى النظرية الإسلامية الفارقة بين الصور.
النظرية : تقول إن السلع المبيعة تختلف عن النقود والسلع المقروضة ، فالسلع المبيعة قد أجاز الشارع المقدس للفرد أن يوسع ماليته عن طريق تملكها والإتجار بها ( بان يبيعها أو يؤجرها ومعنى الإجارة هو بيع المنفعة ). وما ذاك إلاّ لان السلعة هي عمل مختزن يجوز للانسان أن ينتفع به بكل انحاء الإنتفاع غير المحرم ، ومن الإنتفاع غير المحرم البيع والإجارة. وبطبيعة الحال عندما يؤجر الإنسان سلعته ويحصل على الايجار فهو قد دفع الى المستأجر منافع السلعة المؤجرة ، وهذه المنافع عندما تستوفى تستهلك تلك السلعة ( العمل المختزن ) بالتدريج فتقل قيمة العمل
__________________
(١) انظر نيل الاوطار ٥ / ١٧٢ ، فقد ذهب الناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى وغيرهم الى الحرمة.