وأقول :
سبق أنّ الإمام لا بُد أن يكون معصوماً من الخطأ ، محيطاً بأحكام الشريعة ، فلا يجوز أن يجهل حكماً ، أو يُخطئ فيه ، ولا سيّما واضحات الشريعة كهذه الأحكام ، وخصوصاً في ما يتعلّق بالدماء ونحوها ، ولا سيّما مع الاستعجال ، وإلاّ كان أضرّ الناس على الأُمّة والشريعة ، فتمتنع إمامته (١).
وقد أنصف القاضي الأُرموي (٢) في ما نقل عنه السيّد السعيد (رحمه الله) ، حيث قال القاضي في «لباب الأربعين» : «لا يقال : عمر لم يتفحّص عن حالها ، ولم يعلم كونها حاملا ، فلمّا نبّهه عليٌّ ترك رجمها ؛ لأنّ هذا يقتضي أنّ عمر ما كان محتاطاً في سفك الدماء ، وهو شرٌّ من الأوّل» (٣).
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٢٠٥ وما بعدها ، من هذا الكتاب.
(٢) هو : أبو الثناء سراج الدين محمود بن أبي بكر بن أحمد ، القاضي الأُرموي الشافعي ، وُلد سنة ٥٩٤ وتوفّي سنة ٦٨٢ هـ ، كان فقيهاً ، أُصولياً ، متكلّماً ، قاضياً ؛ أصله من أُرومية من بلاد أذربيجان ، وقرأ بالموصل وسكن دمشق ، ولي القضاء بمدينة قُونيَة وتوفّي بها.
له تصانيف كثيرة ، منها : «التحصيل» وهو مختصر لكتاب «المحصول في أُصول الفقه» للفخر الرازي ، وشرح «الإشارات» لابن سينا ، و «لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار» و «شرح الوجيز» للغزّالي في الفقه ، و «لباب الأربعين» وهو مختصر «الأربعين في أُصول الدين» للفخر الرازي.
انظر : طبقات الشافعية ـ للسبكي ـ ٨ / ٣٧١ رقم ١٢٦٨ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ١ / ٨٠ رقم ١٤٠ ، مفتاح السعادة ١ / ٢٧٤ ، كشف الظنون ١ / ٦١ ، هديّة العارفين ٢ / ٤٠٦ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٨٠١ رقم ١٦٥٥١.
(٣) إحقاق الحقّ : ٥٣٨ الطبعة الحجرية.