وأقول :
لا يجوز إعطاء نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير تركته بمقتضى وصيّته المذكورة بأخبارهم ، كالذي رواه البخاري (١) ومسلم (٢) ، عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «لا يقتسم ورثتي ديناراً ، ما تركتُ بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي ، فهو صدقة».
ولو سُلّم عدم دلالة مثل هذا الخبر على تعيّن نفقة نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ممّا ترك ، فلا وجه لتفضيل نسائه على الرجال.
فإنّ التفضيل إن كان بالفضل ، فأمير المؤمنين ، وجملة من الصحابة أفضل منهنّ.
وإن كان بالقرب من النبيّ ، فعليٌّ وأبناء فاطمة أقرب إليه منهنّ.
وإن كان بالجهاد والنفع في الإسلام ، فلا جهاد لهنّ ، وكون غيرهنّ أنفع ؛ لأنّهنّ مأمورات بأن يَقرْنَ في بيوتهنّ ، ولا يتبرّجن للرجال (٣).
وإن كان بكثرة المؤنة ، فكثير من الرجال أكثر منهنّ مؤنة ، وقد كنّ في أيّام النبيّ يَعِشنَ بأبسط عيش ، وكونهنّ أُمّهات المؤمنين أَوْلى بأن يساوين أبناءهنّ ، وأَوْلى بأن يساوين أيامى المؤمنين ؛ ليكنّ أُسوةً لغيرهنّ
__________________
(١) في نفقة أزواج النبيّ من كتاب الجهاد [٤ / ١٨١ ح ٥]. منه (قدس سره).
(٢) في باب قول النبيّ : «لا نورَث ما تركناه صدقة» من كتاب الجهاد [٥ / ١٥٦]. منه (قدس سره).
(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (وَقرْنَ في بُيوتِكُنَّ ولا تَبرّجْنَ تَبرّجَ الجاهليةِ الأُولى ...) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.