وأقول :
روى الطبري في «تأريخه» (١) ، عن عمرو بن ميمون خبراً طويلا ، قال في جملته : «إنّ عمر قال لأبي طلحة الأنصاري : يا أبا طلحة! إنّ الله عزّ وجلّ طالما أعزّ الإسلام بكم ، فاختر خمسين رجلا من الأنصار ، فاستحِثّ هؤلاء الرهط حتّى يختاروا رجلا منهم ...».
إلى أن قال : «فإنِ اجتمع خمسة ورَضُوا رجلا وأبى واحد ، فاشدخْ (٢) رأسه ـ أو : اضرب رأسه ـ بالسيف!
وإنِ اتّفق أربعة فرضوا رجلا منهم وأبى اثنان ، فاضرب رؤوسهما!
فإنْ رضي ثلاثة رجلا منهم ، وثلاثة رجلا منهم ، فحكِّموا عبد الله بن عمر ، فأيّ الفريقين حكم له فليختاروا رجلا!
فإنْ لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر ، فكونوا مع الّذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إنْ رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس!
فخرجوا ، فقال عليٌّ لقوم كانوا معه من بني هاشم : إنْ أُطيعَ فيكم قومكم لم تؤمَّروا أبداً.
وتلقاه العبّاس ، فقال : عُدِلَت عنّا.
فقال : وما علمك؟!
قال : قرَنَ بي عثمان وقال : كونوا مع الأكثر ، فإنْ رضي رجلان
__________________
(١) ص ٣٥ ج ٥ [٢ / ٥٨٠ ـ ٥٨٣ حوادث سنة ٢٣ هـ]. منه (قدس سره).
(٢) الشَّدخُ : الكسرُ في كلّ شيء رَطْب ، وقيل : هو التهشيم ، يعني به كَسْرَ اليابس وكلِّ أجوف ، كالرأس ونحوه ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٥٣ مادّة «شدخ».