وقال الفضل (١) :
إنّ أمر الشورى أوّل الدلائل على تقوى عمر وخوفه من الله تعالى ؛ لأنّه احتاط فيه كمال الاحتياط.
وأصلُ حكاية الشورى ـ كما ذكره أرباب الصحاح ـ ، أنّ عمر لمّا جُرح قال له الناس : استخلف.
فقال : أنا لا أحمل هذا الأمر حيّاً وميّتاً ، إنّ هؤلاء النفر الستّة كلّهم من قريش ، وقد جمعوا شرائط الخلافة ، وقد علمتم أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا توفّي كان عنهم راضياً ، فأنا أجعلُ هذا الأمر بينهم (٢).
وهذا من كمال الاحتياط ، وتركه الأغراض الخاصّة ، ونظر مصلحة العامة بلا غرض لنفسه.
وأمّا ما ذكر أنّه ذكر معائب كلّ واحد بالأُمور القادحة في الخلافة في حضورهم ، فهذا أمرٌ باطل لا شكّ فيه ، وصاحبُ هذه الرواية جاهلٌ بالأخبار ، كذّاب لا يعلم الوضع.
فإنّ وضع الأخبار ينبغي أن يكون على طريقة لا يعلم الناس أنّها موضوعة ، ووضوح وضع هذا الخبر أظهرُ من أن يخفى على أحد ، فإنّ الرجل مجروح ، وهؤلاء كانوا أكابرَ قريش وأقرانه في الحسب والنسب!
أتُراه يأخذ في أعينهم ويشتمهم عند الموت ، وهو يريد استخلافهم؟!
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٥٢ الطبعة الحجرية.
(٢) انظر : البداية والنهاية ٧ / ١١٧ حوادث سنة ٢٤ هـ.