ويقول لزبير وهو شيخ المهاجرين بمحضر الناس : إنّك جاف جِلفٌ ؛ ويقول لطلحة كذا ، ولسعد كذا؟!
فهذا معلومٌ من أطوار الصحابة وحكاياتهم أنّه من الموضوعات ؛ والله أعلم.
ولقد سألتُ من الشيخ برهان الدين إبراهيم البغدادي (١) ، في تبريز ، سنة قدم تبريز ، عن هذا ، وذكرت ذلك له ـ والشيخ المذكور كان أُستاذ الشيعة وإمامهم في زمانه ـ ، فصدّقني ، وقال : هذا كذبٌ صُراح ؛ بل الحقُّ أنّ عمر قبل أن يُجرح بأيّام قلائل تأوّه يوماً ، فقال له ابن عبّاس في الخلوة : لِمَ تتأوّه يا أمير المؤمنين؟!
قال : ذهب عمري وأنا متفكِّرٌ في هذا الأمر .. أُوَلّيها لمن؟!
فقال ابنُ عبّاس : قلت : أينَ لك من عثمان؟!
قال : أخاف أن يولِّي بني أُميّة على الناس ، ثمّ لم يلبث العربُ إلاّ أن يضربوا عنقه ، والله لو فعلتُ لفعل ، ولو فعل لفعلوا.
فقلت : أين لك من طلحة؟!
قال : نعوذ بالله من زَهْوه (٢).
قلت : أين لك من الزبير؟!
قال : شجاعٌ جاف.
قلت : أين لك من سعد؟!
__________________
(١) هذا الشيخ من نسج خيال الفضل ومخترعاته ، كما هي عادته ؛ إذ ليس للشيعة شيخ بهذا الاسم ، فضلا عن كونه أُستاذاً وإماماً لهم ، فلم تترجم كتب الرجال الشيعية ـ فضلا عن غيرهم ـ لرجل بهذا الاسم!
(٢) الزَّهْو : الكِبرُ والتّيهُ والفَخْرُ والعَظَمةُ ، ورجلٌ مزْهُوٌّ بنفسه إذا أُعجِب بنفسه وتكبّر ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ١٠٥ مادّة «زها».