وأقول :
لا ريب بحسن الحثّ من كلّ مسلم على سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والترغيب بها ، ولكنّ الكلام في تحريم ما أحلّ الله ورسوله كما فعل عمر في المقام.
ودعوى أنّه لم يُحرّم المغالاة وإنْ هدّد عليها ، باطلة ؛ لأنّ صريح ما وقع منه التحريم ، بشهادة ما نقله في «كنز العمّال» (١) ، عن سعيد بن منصور ، والبيهقي ، عن الشعبي ، قال : «خطب عمر بن الخطّاب ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : ألا لا تُغالوا في صداق النساء ، وإنّه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله ، أو سيق إليه ، إلاّ جعلت فضل ذلك في بيت المال.
ثمّ نزل ، فعرضت له امرأة من قريش ، فقالت : يا أمير المؤمنين! لَكتابُ اللهِ أحقُّ أن يتّبع أم قولُك؟!
قال : كتاب الله ؛ فما ذاك؟!
قالت : نهيتَ الناس آنفاً أن يتغالوا في صداق النساء ، والله تعالى يقول في كتابه : (وآتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً) (٢).
فقال عمر : كلّ أحد أفقه من عمر ـ مرّتين أو ثلاثة ـ.
__________________
(١) في كتاب النكاح ، ص ٢٩٨ من الجزء الثامن [١٦ / ٥٣٦ ح ٤٥٧٩٦]. منه (قدس سره).
وانظر : سنن سعيد بن منصور ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٥٩٨ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢٣٣.
(٢) سورة النساء ٤ : ٢٠.