وقال الفضل (١) :
شأن أئمّة الإسلام وخلفاء النبوّة أن يحفظوا صورة سنة رسول الله في الأُمة ، فأمرهم بترك المغالاة ، والإجماع على أنّ الإمام له أن يأمر بالسنة أن يحفظوها ، ولا يختصّ أمره بالواجبات ، بل له الأمر بإشاعة المندوبات.
وهذا ممّا لا نزاع فيه ، كما أجاب قاضي القضاة بأنّه طلب الاستحباب في ترك المغالاة والتواضع في قوله.
وأمّا تخطئة قاضي القضاة في جوابه ، فخطأٌ بيّنٌ ؛ لأنّه لم يرتكب المحرّم ، بل هدّد به ، وللإمام أن يُهدد ويُوعد بالقتل والتعزير والاستصلاح ، فأوعد الناس وهددهم بأخذ المال إن لم يتركوا المغالاة ، فلا يكون ارتكاب محرّم.
ولم يرووا أنّه أخذ شيئاً من المهور الغالية ووضعها في بيت المال ، ولو فعله لارتكب محرّماً على زعمه.
ثمّ قال : «والرواية منافية ؛ لأنّ المرويّ أنّه حرّمه».
فهذا غير مسلّم ، ولمّا كان ظاهر أمره ينافي ما ذكرته المرأة من جواز المغالاة بنصّ الكتاب رجع وتواضع بقوله : «كلّ الناس أفقه من عمر».
وقد كان عمر رجّاعاً إلى أحكام الله ، وقافاً عند كتاب الله.
وكان متواضعاً غاية التواضع والخشوع عند ذِكر الله ، حتّى إنّه قيل :
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٩ الطبعة الحجرية.