وقال الفضل (١) :
ما ذكره من ضرب عثمان ابن مسعود لدفنه أبا ذرّ ، فباطلٌ بيّن البطلان ؛ لأنّ السفهة من المغول والتركمان ، والأجلاف من الأعراب والأكراد ، لا يضربون أحداً من الناس للإعانة على دفن يهوديّ ، فكيف برجل يسلّمون أنّه من أصحاب الرأي ، حتّى سلّمه عمرُ ورآه أهلا للشورى في الخلافة؟!
هل من شأنه أن يضرب رجلا من مفتي الصحابة وعلمائهم وقرّائهم وصاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومن قدماء المهاجرين ، ومصلّي القبلتين ، وصاحب الهجرة ، ومن أهل بدر ، وكان سببُ الضرب أنّك دفنت رجلا من أعدائي ، إن صحّت الرواية؟!
فهذا كلامٌ لو سمعه العالم بالأخبار للعنَ على المفتري كما يلعنُ مسيلمة الكذّاب.
ثمّ ما رواه من قصّة أبي ذرّ ، فباطلٌ مخالفٌ للنصوص من أهل التاريخ ، فقد ذكر جميع أرباب التواريخ في موت أبي ذرّ : «أنّه لمّا مرض بالربذة ، وكان أيّام الحجّ ، بكت امرأته ، فقال أبو ذرّ : ما يُبكيك؟!
قالت : إنّك تموت ، ولا بُد أن ندفنك ، وليس لك ثوبٌ تكفّن فيه.
فقال أبو ذرّ : لا تبكي! فإنّي سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : إنّك تموت بأرض فلاة وحدك ، ويحضر موتك فئة من الناس يحبّهم الله
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٧٠ الطبعة الحجرية.