وأقول :
قوله : «كانوا لا يعملون ...» إلى آخره ..
رجمٌ بالغيب ، والظاهر علمهم ؛ لأنّ الاستفهام في قولهما : «أينكحُ محمّد نساءنا ، ولا ننكح نساءه؟!» للإنكار بالضرورة ، وهو يقتضي معروفية المنع من نكاح أزواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إمّا من سنته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أو من قوله تعالى : (وأزواجه أُمّهاتُهم) (١).
فحينئذ يكون قولهما ردّاً لحكم الله ، وجرأةً على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فأراد الله جلّ وعلا تسجيل هذا الحكم بنصّ الكتاب العزيز ، ردعاً لهم ، وبياناً لكون نكاحهنّ من بعده عند الله عظيماً.
ولو سُلّم أنّ الحكم لم يكن معلوماً قبل نزول هذه الآيات ، فلا شكّ بدلالتها على أنّ تعريضَهم بنكاح أزواجه إيذاءٌ له ، وأنّ مَن آذاه ملعونٌ
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.
وقد أجمع المسلمون أنّ المراد بهذه الآية الكريمة هو حرمة نكاح أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته إذا طلّق ، ومن بعد وفاته ، على التأبيد ، تشبيهاً لهنّ بالأُمّهات الحقيقيات ، وهنّ في ما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات.
انظر ـ مثلا ـ في بيان نزول الآية الكريمة :
تفسير مقاتل ٣ / ٣٦ ، تفسير الطبري ١٠ / ٢٥٩ ح ٢٨٣٣٩ و ٢٨٣٤١ ، تفسير ابن أبي حاتم ٩ / ٣١١٥ ح ١٧٥٨٦ ، تفسير الثعلبي ٨ / ٩ ، الوسيط ٣ / ٤٥٩ ، تفسير البغوي ٣ / ٤٣٧ ، الكشّاف ٣ / ٢٥١ ، تفسير ابن عطيّة : ١٥٠١ ، زاد المسير ٦ / ١٩٠ ، تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ١٩٦ ، تفسير القرطبي ١٤ / ٨٢ ، تفسير ابن جزَيّ ٣ / ١٣٣ ، البحر المحيط ٧ / ٢٠٩ ، تفسير ابن كثير ٣ / ٤٥١ ، تفسير الإيجي ٣ / ٣٣٨ ، مجمع البيان ٨ / ١٠٩.