وأقول :
تشكيكه في صحّة الرواية ليس في محلّه ؛ فإنّ القاضي أعلم منه بالأخبار ولم يناقش في صحّتها ، بل ظاهره تسليمُ الصحّة ، كما لا يخفى على من راجع كلامه المحكيّ في «شرح النهج» (١).
ودعوى الخصم جواز التغيير بالاجتهاد في محلِّ الضرورة ، صحيحة إنْ أراد التغيير في العمل ؛ للضرورة التي يباح معها فعل المحرّمات ، كأكل الميتة.
لكنّ زمن عثمان زمان السعة ، كما أقرّ به الخصم (٢) ، ولذا أعطى أقرباءه ما أعطى.
وقوله : «كما فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غنائم حنين» ..
قياسٌ مع الفارق ؛ فإنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما فضّل بعض المقاتلة على بعض بالغنائم ، ولم يعطهم من الصدقة ، وهذا لا ربط له بجعل المال المختصّ بجهة لغيرها.
وأمّا قوله : «ربّما كان عثمان سمع جوازه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» ..
فعذرٌ غيرُ مسموع ؛ إذ لا يصحُّ الاعتذار عن مخالفة الدليل إلاّ بإقامة دليل آخر ، وإلاّ لَما جازت مؤاخذة صحابيّ أو غيره بشيء يفعله ،
__________________
(١) ص ٢٣٥ مجلّد ١ [٣ / ٤٠]. منه (قدس سره).
وانظر : المغني ٢٠ ق ٢ / ٥٢ ، الشافي ٤ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٢) راجع الصفحة ٤٤٣ ، من هذا الجزء.