لجواز أن يكون سمع أو روى عن رسول الله جوازه ، ولو لنفسه خاصةً.
وحينئذ فَلِمَ لم يعذروا قتلة عثمان ، لجواز أن يكونوا سمعوا أو رووا جواز قتله أو وجوبه؟!
بل يمكن أن يعذر الصحابيُّ بشرب الخمر ، لجواز أنّه سمع من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تجويزه له خاصةً ؛ وهذا باللغو أشبه!
واعلم أنّ الصدقة الزكويّة يجوز أن يدفع منها سهم سبيل الله إلى الغزاة (١) ، فلا بُد أن يكون الكلام في صدقة مخصوصة بغيرهم ؛ ولذا احتاج القومُ إلى الجواب بأنّه يجوز التغيير بالاجتهاد ، ونحو ذلك.
هذا ، ولا يخفى أنّ عثمان قد أعطى من الغنيمة غير الغانمين والمقاتلين ، بعكس ما فعله هنا ، فطعن المصريّون عليه به أيضاً.
روى الطبريُّ في «تأريخه» (٢) حديثاً احتجّ به المصريّون على عثمان ، وذكر فيه أنّهم أخذوه بأُمور ما عنده منها مخرج ، فعرفها ، فقال : «أستغفر الله وأتوب إليه ...
إلى أن قال : فقال لهم : ما تريدون؟
قالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاءً ؛ فإنّ هذا المال لمن قاتل عليه ، ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...
إلى أن قال : فقام فخطب ، فقال : إنّي ما رأيتُ والله وفداً في الأرض
__________________
(١) انظر : الموطأ : ٢٥٦ ح ٣٠ ، مسند أحمد ٣ / ٥٦ ، سنن أبي داود ٢ / ١٢٢ ح ١٦٣٥ ـ ١٦٣٧ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٩٠ ح ١٨٤١ ، سنن ابن الجارود : ٩٩ ح ٣٦٥ ، صحيح ابن خزيمة ٤ / ٧١ ح ٢٣٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ / ٩١ ح ١٩٧٨ و ١٩٧٩ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٥٦٦ ح ١٤٨٠ و ١٤٨١.
(٢) ص ١٠٧ ج ٥ [٢ / ٦٥٥ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).