وأقول :
عجباً لهذا الرجل ، من عدم حيائه من الكذب وعدم مبالاته به ؛ فإنّه نسب ما ذكره في قصّة الهرمزان إلى الطبريّ وغيره!
وقد نظرتُ «تاريخ الطبريّ» ، وغيره ممّا حضرني من كتبهم ، فلم أجد بها أنّ عبيد الله مرّ بدار الهرمزان ، وقام له ، وأنّه شاهد مِغْولا عنده ، بل لم يُذكر فيها المِغْول أصلا ، وهو ـ أيضاً ـ غير الخنجر المذكور فيها!
فقد ذكر الطبريُّ (١) ما حاصله ، أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر قال غداة طعن عمر : رأيتُ عشيّة أمس الهرمزانَ وأبا لؤلؤة وجُفينة وهم يتناجون ، فلمّا رأوني ثاروا ، وسقط منهم خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه.
فسمع بذلك عبيد الله فأتى الهرمزان ، فقتله ، فلمّا عضّه السيفُ قال : لا إله إلاّ الله ؛ ثمّ مضى فقتل جُفينة.
ومثله في «كامل» ابن الأثير (٢).
وقال في «أُسد الغابة» ، بترجمة عبيد الله : «قيل لعبيد الله : قد رأينا أبا لؤلؤة والهرمزان نجيّاً ، والهرمزان يقلّب هذا الخنجر بيده ـ إلى أن قال : ـ فعدا عليهم بالسيف ، فقتل الهرمزان وابنته وجُفينة» (٣).
وأما دعواه اتّفاق أرباب التواريخ على أنّ قتل عبيد الله الهرمزانَ
__________________
(١) ص ٤٢ ج ٥ [٢ / ٥٨٧]. منه (قدس سره).
(٢) ص ٣٧ ج ٣ ، وفي طبعة أُخرى ص ٢٩ [٢ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧]. منه (قدس سره).
(٣) أُسد الغابة ٣ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ رقم ٣٤٦٧.