وقال الفضل (١) :
أمّا قوله : «إنّ الصحابة تبرّأوا منه» ، فهذا أمرٌ غيرُ ثابت ؛ لأنّ أكبر الصحابة كان أمير المؤمنين ، وقد اتّفق جميع أرباب التواريخ أنّ أمير المؤمنين ـ حين حاصروا عثمان ـ بعث إليه بالحسن والحسين ومحمّد ابن الحنفيّة وأولاد جعفر شاكِين بالسلاح (٢) ، ليعينوه ، فطلبهم عثمان وأنشدهم بالله أن يرجعوا ، وقال لهم : إنّ النبيّ عهد إليّ أنّي أدخل الجنّة على بلوىً أُصيبها ، وأنا أصبرُ وأحتسب (٣) ، فارجعوا.
كما روي في «الصحاح» ، عن أبي سهلة ، قال : «قال لي عثمان يوم الدار : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عهد إليّ عهداً ، وأنا صابرٌ عليه» (٤).
فكيف يقال : إنّ الصحابة أسلموه إلى مَن جلب عليه مِن أهل الأمصار ، ولم يدفعوا عنه؟!
وقد ثبت أنّ أمير المؤمنين أعانه بأولاده وأفلاذ كبده ، وهذا ممّا اتّفق عليه الرواة.
ولا شكّ أنّ عثمان كان إماماً مظلوماً شهيداً ، وهو كان على الحقّ وأعداؤه على الباطل.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٧٩ الطبعة الحجرية.
(٢) انظر : أنساب الأشراف ٦ / ١٨٥ ، البداية والنهاية ٧ / ١٤٢ و ١٤٦ ، ولم يرد فيهما ذِكر محمّد بن الحنفية ولا أولاد جعفر.
(٣) انظر : تاريخ دمشق ٣٩ / ٢٨٤ ـ ٢٩٠.
(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ح ٣٧١١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٢ ح ١١٣ ، مسند أحمد ١ / ٥٨ ، مصابيح السنة ٤ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ح ٤٧٥٨.