وأقول :
كِلا العذرين بارد باطل.
أما الأوّل ؛ فلأنّه لو كان عمر خائفاً من تشتّت أمر الإسلام واستيلاء المنافقين قبل البيعة ، فلِمَ ترك مقالته لقول أبي بكر؟! والحال أنّ البيعة لم تقع ، بل كان عليه أن يشير إلى أبي بكر بالسكوت ويعرّفه غرضه ، ويشتغلا بالبيعة!
على أنّه كيف يتصوّر أن يبقى المنافقون تحت الرهبة من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أن تحصل البيعة؟! والحال أنّ الاشتغال بالبيعة إنّما يترتّب عند المسلمين أنفسهم على موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!
أو كيف يرتدع المنافقون الّذين لم يؤمنوا بأصل نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لمجرّد قول عمر : ما مات ، وذهب إلى المناجاة ؛ وهم يرونه بينهم ميّتاً ساكن الحركات؟!
بل يعدّون هذا القول من عمر ـ والنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مسجّىً بينهم ـ من الهذيان والخرافات!
مضافاً إلى أنّ أهل السنة يرون أنّ الصحابة كلّهم عدول ، وأنّ المنافق بينهم قليلٌ مخفيُّ الحال ، فكيف يستولي المنافقون ، أو يُخاف منهم ـ بأسرع وقت ـ تشتّت أمر الإسلام؟!
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ عمر لو خرج من حال المعرفة بمجرّد سماع قولهم : «مات النبيّ» ، للزم أن يزول عقله بالكلّية لمّا تحقّق عنده موت النبيّ بقول أبي بكر ، فلا يذهب إلى السقيفة بوقته ويزوّر بنفسه ما يزوّر ،