والشوكة على المنافقين ؛ ليرتدعوا عمّا همّوا به من إيقاع الفتنة والإيضاع خِلال (١) المسلمين كما كان دأبهم.
وقال بعضهم : كان هذا الحال من غلبة حُكم المحبّة وشدّة المصيبة أنّ قلبه كان لا يأذن له أن يحكم بموت النبيّ.
وهذا كان أمرٌ عمَّ جميع المؤمنين بعد النبيّ حتّى جُنّ بعضهم ، وعمي بعضهم من كثرة الهمّ ، واختلّ بعضهم (٢) ، فغلب عمر شدّة حال المصيبة ، فخرج من حال العلم والمعرفة ، وتكلّم بعدم موته ، وأنّه ذهب إلى مناجاة ربّه ؛ وأمثال هذا لا يكون طعناً.
__________________
(١) أَوْضَعَتِ الدابّةُ وأَوْضَعَ الرجلُ يُوضعُ إيضاعاً : سار سيراً لَيّناً ، والوَضْعُ : سيرٌ دونَ الشد ، وقيل : فوق الخَبَب.
الخِلال ، جمع : الخَلل : وهو منفرَج ُ ما بين كلِّ شيئين ، وخِلال الدور : أوساطها ، وما حوالَي جُدرها وما بين بيوتها ؛ ومنه قوله تعالى : (وَلأََوْضعُوا خِلالَكُم يبغونكُمُ الفتنةَ) سورة التوبة ٩ : ٤٧ ، قيل : أي لأسرعوا في ما يُخلُّ بكم ، وقيل : أراد ولأوضعوا مراكبهم خِلالكم ؛ أي وسطكم.
انظر : لسان العرب ١٥ / ٣٢٧ مادّة «وضع» وج ٤ / ١٩٩ مادّة «خلل».
(٢) لم يشتهر بين أصحاب السير والمؤرّخين والمحدِّثين أنّ أحداً من المسلمين أصابه شيء ممّا ذكره الفضل ؛ فتأمل!