وقال الفضل (١) :
لم يصحّ عندنا رواية هذا الخبر (٢) ؛ وإنْ صحَّ كان تحذيراً من أن ينفرد الناس ـ بلا حضور العامة ـ بالبيعة ، ولهذا سمّاه بالفلتة ، وكان ذلك لضرورة داعية إليه ، وذلك أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) توفّي من غير استخلاف (٣) ، وإنّما لم يستخلف النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ليُعلم أنّ نصب الإمام ليس من أُصول الشرائع ، بل هي من الواجبات على الأُمة (٤).
فالواجب عليهم أنّ ينصبوا بعده ، ولهذا وَكَلَ أمرَها إليهم ، فلمّا توفّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد الأنصار في سقيفة بني ساعدة أن ينصبوا بينهم أميراً منهم ، وكان هذا سبب الاختلاف الذي كان وقوعه سبباً لذهاب الإسلام ؛ لضعف القلوب وزيغها عن الإسلام بسبب وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وارتداد العرب ، فسارع أبو بكر وعمر إلى السقيفة لرفع الاختلاف ، ووقع (٥) البيعة.
ولو كانا يؤخّران البيعة إلى حضور جميع الناس واتّفاق كلّ الآراء ، لكان يُخاف منه وقوع الفتنة والاختلاف ، فتسارعوا إلى عقد البيعة ، واكتفوا بإجماع أهل الحلّ والعقد ، وهم كانوا ذلك اليوم الأنصار ؛ لأنّهم كانوا
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٤٨٩ الطبعة الحجرية.
(٢) بل هو صحيح ؛ فرجاله رجال الصحيح ، ومتّفقٌ على صحّته ، كما نصَّ على ذلك الحافظ الذهبي في كتابه : الخلفاء الراشدون : ٤.
(٣) راجع الصفحة ٨ من هذا الجزء.
(٤) لا يخفى عدم تمامية هذا القول ؛ لأنّه يستلزم الدور أو التسلسل.
(٥) كذا في الأصل.