وقال الفضل (١) :
خروج أبي ذرّ على ما ذكره أرباب «الصحاح» ، وذكره الطبريُّ ، وابن الجوزيّ ، من أرباب صحّة الخبر ، أنّه ذهب إلى الشام ، وكان مذهبُ أبي ذرّ أنّ قوله تعالى : (والّذين يكنزون الذهب والفضّة) (٢) محكَم غير منسوخ ، وكنز الذهب والفضة حرامٌ وإن أخرجوا زكاته.
ومذهب عامة الصحابة والعلماء أنّها منسوخةٌ بالزكاة (٣).
فكان أبو ذرّ تقرّر مذهبه ، واتّفق أنّه حضر عند معاوية ، وكان كعبُ الأحبار حاضراً عند معاوية ـ وكان أبو ذرّ تقرّر مذهبه في الآية ـ ، فقال كعب الأحبار : هذه منسوخةٌ بالزكاة.
فأخذ لَحْيَ (٤) بعير وضرب به رأس كعب الأحبار ، فشجّه مُوضِحةً (٥).
فكتب معاوية إلى عثمان يشكو أبا ذرّ ، فكتب عثمان إلى أبي ذرّ
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٧٥ الطبعة الحجرية.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٣٤.
(٣) انظر : الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه : ٣١٤ ، مجمع البيان ٥ / ٤٤ ـ ٤٥.
(٤) اللّحيان : حائطا الفم ، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من كلّ ذي لَحْي ، يكون للإنسان والدابّة.
انظر : لسان العرب ١٢ / ٢٥٩ مادّة «لحا».
(٥) المُوضِحةُ من الشِّجاج هي التي تَقْشِر الجلدة التي بين اللحم والعظم أو تشقّها حتّى يبدو وَضَحُ العظم ، أي بياضه.
انظر : لسان العرب ١٥ / ٣٢٤ مادّة «وضح».