وأقول :
مَن تصفّح أخبار القوم ، فضلا عن أخبارنا ، علم أنّه لا ناصر لعثمان من الصحابة إلا النادرُ ، وعرف أنّ الصحابة شركاء في قتله ، ولو بالرضا.
فيا هل ترى أنّ من استباح الصحابةُ قتله ، وباشره بعضُهم ، وشهدوا بجوره وفسقه ، وهم عدول جميعاً عند القوم ، كيف يكون حاله؟! وهل يصحّ عدّه من الأئمة؟!
ولنذكر شيئاً ممّا في «تاريخ الطبري» ، الذي أقرّ الخصمُ بصحّته (١) ؛ لتعرف صدق ما قلنا ..
فقد روى عن الواقدي (٢) ، أنّ «أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب بعضهم إلى بعض أن أقدموا ، فإنْ كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد ؛ وكثر الناس على عثمان ، ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد ، وأصحاب رسول الله يرون ويسمعون ، ليس فيهم أحدٌ ينهى ولا يذبُّ إلاّ نفيْر ؛ زيد بن ثابت ، وأبو أُسَيد الساعدي ، وكعب بن مالك ، وحسّان بن ثابت».
وروى أيضاً (٣) ، بسنده عن عثمان بن الشريد ، قال : «مرّ عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي (٤) ، وهو بفناء داره ومعه جامعةٌ ، فقال :
__________________
(١) انظر الصفحة ٥١٠ ، من هذا الجزء.
(٢) ص ٩٦ ج ٥ [٢ / ٦٤٤ حوادث سنة ٣٤ هـ]. منه (قدس سره).
(٣) ص ١١٤ ج ٥ [٢ / ٦٦١ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).
(٤) هو : جَبَلَة بن عمرو الساعدي الأنصاري ، يعدّ في أهل المدينة ، وكان فاضلا من فقهاء الصحابة ، شهد صِفّين مع الإمام عليّ (عليه السلام) ، وكان في مَن غزا إفريقية سنة