وأقول :
من الصلف نسبة افتراء هذا الخبر إلى الشيعة ، مع رواية الكثير من علمائهم وثقاتهم له ، كالّذين نقله المصنّف (رحمه الله) عنهم وغيرهم ، ولكن لم يرووا الإحراق ، وإنّما رووا إرادة الإحراق ؛ ولذا قال المصنّف (رحمه الله) : «طلب هو وعمر إحراقه».
ولكنّ الخصم أراد بنسبة الإحراق تفظيع الخبر ؛ لِتُقرَّب إلى الأذهان استبعاداته التي ذكرها.
وممّن روى هذا الخبر ـ غير من حكاه المصنّف عنهم ـ : ابن أبي شيبة ، كما نقله عنه في «كنز العمّال» (١) ، قال : «أخرج عن أسلم ، أنّه حين بويع أبو بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عليٌّ والزبير يدخلون على فاطمة ويشاورونها ويرجعون في أمرهم ؛ فلمّا بلغ ذلك عمر خرج حتّى دخل على فاطمة ، فقال : ما من الخلق أحد أحبّ إليَّ من أبيك ، وما من أحد أحبَّ إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بهم أن يُحرق عليهم الباب.
فلمّا خرج عمر جاؤوها ، قالت : تعلمون أنّ عمر قد جاءني ، وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقنّ عليكم الباب ، وأيم الله ليمضينّ لِما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين» .. الحديث.
__________________
(١) في كتاب الخلافة والإمارة ، ص ١٤٠ من الجزء الثالث [٥ / ٦٥١ ح ١٤١٣٨]. منه (قدس سره).
وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٧٢ ح ٤.