وقال الفضل (١) :
في «الصحاح» ، أنّ رسول الله لمّا توفّي قام عمر في المسجد ، وقال : إنّ أُناساً يزعمون أنّ رسول الله توفّي ، وإنّه ذهب يناجي ربّه كما ذهب موسى يناجي ربّه في الطور ، وسيعود ويقطع أيدي رجال وأرجلهم بما قالوا : إنّه مات.
فدخل أبو بكر وقال لعمر : اجلس! فما جلس ، وكان يتكلّم بمثل ذلك الكلام ، حتّى قام أبو بكر في ناحية أُخرى من المسجد ، فقال : أيّها الناس! من كان يعبد محمّداً ، فإنّ محمّداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فهو حيٌّ باق لا يموت ؛ ثمّ قرأ هذه الآية : (وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسُل أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم ...) (٢) الآية.
فلمّا سمع عمر هذه المقالة رجع إلى قول أبي بكر وقال : كأنّي لم أسمع هذه الآية (٣).
واختلفوا في ذلك الحال الذي غلبه حتّى حكم بأنّ النبيّ لم يمت ..
فقال بعضهم : أراد أن لا يستولي المنافقون ، وخاف أن لو اشتهر موت النبيّ قبلَ البيعةِ لخليفة تشتّت أمر الإسلام ، فأراد أن يُظهر القوّة
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن «إحقاق الحقّ» ـ : ٥٣٦ الطبعة الحجرية.
(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٣) انظر : صحيح البخاري ٦ / ٣٦ ـ ٣٧ ح ٤٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥٢٠ ح ١٦٢٧ ، مسند البزّار ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣ ح ١٠٣ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ٢٠٥ ـ ٢٠٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٧ / ٢١٥ ـ ٢١٨.