ويفعل ما يفعل ، فيها وفي خارجها.
وكيف تلائم تلك المحبّة المدّعاة إعراضه ـ كصحبه ـ عن تجهيز النبيّ ودفنه إلى ثلاثة أيام؟!
أو كيف تجتمع مع إيذائه حال المرض المُشجي بنسبة الهجر إليه ومنعه عمّا أمر به؟!
ثمّ إنّي لستُ أذهب إلى ما قاله المصنّف (رحمه الله) ، إنّ صدور ذلك القول من عمر من قلّة المعرفة ؛ فإنّ مثل عمر الذي يبتدع الشورى وكيفيّتها لا يجهل جواز موت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!
كيف؟! والنبيّ نعى نفسه الشريفة إليهم مراراً (١) ، ونطق الكتاب العزيز بموته (٢)!
وما تخلّفَ عمر عن جيش أُسامة إلاّ ارتقاباً لموته!
ولا قال : «حسبنا كتاب الله» إلاّ بناءً على وفاته!
وما نسبهَ إلى الهجر إلاّ طعناً برأيه في ما يوصي به لِما بعد الموت!
فكيف يَجهل موته وقد فارقت روحُه الدنيا ، أو يَحتمل ذهابه إلى
__________________
(١) إشارة إلى مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّي أُوشِكُ أن أُدعى فأُجيب».
انظر : مسند أحمد ٣ / ١٧ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ ح ١٠٢١ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ١٥٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٦١٣ ح ٦٢٧٢.
(٢) كقوله سبحانه وتعالى : (وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
وقوله تبارك اسمه : (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مِتَّ فهم الخالدون) سورة الأنبياء ٢١ : ٣٤.
وقوله جلّ شأنه : (إنّك ميّت وإنّهم ميّتون) سورة الزمر ٣٩ : ٣٠.