تعالى.
إذ كما قال : فقومي وانظري هل ترين أحداً؟ فقامت وصعدت تَلعةً (١) كانت هناك ، فرأت جماعة على المطايا تسير بهم كالنسور ، فلوّحت بثوبها ، فطاروا إليها ، فقالوا : هل لك حاجة؟
فقالت : هل لكم في أبي ذرّ صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يموت.
ففدوه بآبائهم وأُمّهاتهم ، وكان في الركب مالك بن الحارث الأشتر ، فلمّا حضروا عنده قال : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عهد إليّ أنّي أموت بأرض فلاة ، يحضرني فئةٌ يحبّهم الله تعالى ، فأبشروا أنّكم حضرتم.
ثمّ قال : أيّكم لم يُولّ شيئاً من الإمارة والجباية ، أو شيئاً من أُمور الولاية؟
ولم يكن في القوم أحدٌ إلاّ وقد تولّى بعض ذلك ، ما خلا شابّاً قال : أنا ما وليتُ شيئاً ممّا ذكرتَ.
قال : فأنت كفنّي بثوبك.
فمات ، وكفنوه ودفنوه» (٢).
هذا حكاية موت أبي ذرّ ، وذكره جميع أرباب التواريخ ، ولم يذكر أحدٌ أنّ عبد الله بن مسعود حضر موته ولا دفنه ، فهذا من مفتريات الرفضة ، عصمنا الله عن الكذب والعصبيّة.
__________________
(١) التّلعةُ ـ وجمعها : تِلاع ـ : هي مسيل الماء من أعلى الوادي غلى أسفله ، وما ارتفع من الأرض وأَشرَفَ ، وأيضاً : ما انهبط منها وانحدر ، وهو من الأضداد ، ولا تكون التّلاع إلاّ في الصحاري.
انظر مادّة «تلع» في : لسان العرب ٢ / ٤٣ ـ ٤٤ ، تاج العروس ١١ / ٤٦ ـ ٤٧.
(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ١٧٦ ـ ١٧٧ ، تاريخ دمشق ٦٦ / ٢١٩ ـ ٢٢١ ، الاستيعاب ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٥.