كما كنّ في حياة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أُسوةً للغير.
فما بال عمر يريد أن يُدخلهُنّ في زيّ أهل الثراء وأُبّهة الملوك وترفهم ، ويُدخل الحسرة في قلوب الفقراء والأيامى؟!
كما أنّ تحريم التزويج عليهنّ لا يقتضي أكثر من الإنفاق عليهنّ بنحو ما تعوّدنه ، لا ذلك الإنفاق العظيم ، ولا سيّما مع إمكان أن تدخل حفصة في عياله ، وكذا جملة من نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة إلى أهاليهنّ.
وهذا التفضيل قد رواه جماعة من القوم ، منهم الطبري في «تاريخه» (١) ، وابن الأثير في «كامله» (٢) ، وذكرا أنّ فرضَ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ضعفُ فرضِ أهل بدر ، وفرضُهم خمسة آلاف درهم ، ثمّ تدرّج الفرض في النقصان إلى مئتين.
ومثله في «شرح النهج» (٣) ، عن أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ الجوزي في «أخبار عمر وسيرته».
وأما قوله : «كان هذا بمشاورة الصحابة ومنهم عليّ».
فكذب ظاهر ؛ لأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يرى التفضيل في العطاء ، وكان يَقسِم بالسويّة.
وقسمته (عليه السلام) بالسويّة ـ بعد تفضيل عمر ـ هي التي أوجبت خروج طلحة والزبير عليه ؛ إذ علّمهم عمر الترف ، وغرس في قلوبهم حبّ المال وجمعه ، فكان التفضيلُ أحدَ أسباب الفتن.
__________________
(١) ص ١٦٢ ج ٤ في حوادث سنة ١٥ [٢ / ٤٥٢]. منه (قدس سره).
(٢) ص ٢٤٧ ج ٢ [٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥١ حوادث سنة ١٥ هـ]. منه (قدس سره).
(٣) ص ١٥٤ من المجلّد الثالث [١٢ / ٢١٤ ـ ٢١٥]. منه (قدس سره).
وانظر : مناقب عمر ـ لابن الجوزي ـ : ١١٢ ـ ١١٣.