منكم حداً فليأتنا ، فلنقم عليه الحد ؛ فإنّه طَهورُه.
فبلغ ذلك عمر فكتب إليه : لا أُحلّ لك أن تأمر الناس أن يهتكوا سترَ الله الذي سترهم».
فليت شعري ، إذا لم يُحلّ عمر ذلك ، فما باله يتجسّس هو ويهتك ستر الله؟!
وكيف صار التجسّس عند الخصم راجحاً لإزالة المنكر ، وقد أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالستر ، وقال لمن جاؤوا بالسارق : «أنتم أعوان الشيطان»؟!
وممّا ذكرنا يُعلم عدم صحّة قياس ما نحن فيه على كسر الدِّنان إذا توقّف إهراق الخمر عليه ؛ فإنّ التكليف بإتلاف الخمر معلومٌ على قوله ، فتجب مقدّمته وهي كسر الدِّنان ، بخلاف التكليف بالنهي عن المنكَر المحتمل ؛ فإنّه غير معلوم ، بل محكوم بالعدم ، فكيف يجب التجسّس مقدّمةً لإزالته؟!
على أنّ إتلاف الخمر أهمّ في نظر الشارع من حفظ الدِّنان ، بخلاف النهي عن المنكَر في المقام ، فإنّ الستر على الناس أهمُّ منه ، فقياس أحدهما على الآخر قياس مع الفارق.
وأمّا ما رواه من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكسر القدور التي طبخت فيها لحوم الحُمر الأهليّة ، فكذب ؛ إذ لو سُلّم حرمة أكل لحمها ، فترك الأكل لا يتوقّف على كسر القدور ، فكيف يأمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويُتلف المال بلا مقتض؟!
ولو سُلّم صحّة الرواية ، وتوجيهها بأنّ الأمر بالكسر لبيان الاهتمام بحرمة أكل الحمير ، فقياسُ ما نحن فيه على كسر القدور خطأ ؛ ضرورة أنّ الاهتمام في المقام إنّما هو بالستر على الناس ، لا بالنهي عن المنكر ،