وقال : (وليس البرّ بأن تأتوا البُيوت من ظهورها) (١) ، وقد تسوّرت.
وقال : (لا تدخلوا بُيوتاً غير بُيوتكم ...) (٢) الآية ، وقد دخلت بيتي بغير إذن ولا سلام.
فقال عمر : هل عندك من خير إن عفوت عنك؟
قال : نعم ؛ فتركه وخرج».
ومثله في «شرح النهج» (٣).
ثمّ إنّ لعمر خطأً آخر ، وهو أنّه لم يُهرق الخمر وترك الرجل على حال لا تؤمَن منه المعصية ، بل على حال المعصية إن كانت المرأة أجنبيّة!
وأيضاً : إن كان موجب الحدّ والتعزير والنهي صادراً ، لم يجز له العفو ، وإلاّ فلا محلّ له!
هذا ، ويظهر من أخبارهم أنّ لعمر قصّة أُخرى تجسّس بها ، رواها ابن الأثير في «الكامل» (٤) ، قال : «إنّ عمر وعبد الرحمن بن عوف أتيا السوق ، فقعدا على نشز (٥) من الأرض يتحدّثان ، فرُفع لهما مصباح ، فقال عمر : ألم أنهَ عن المصابيح بعد النوم؟!
فانطلقا فإذا قوم على شراب لهم ، قال : انطلق فقد عرفتُه ؛ فلمّا
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٨٩.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٢٧.
(٣) ص ٩٦ من المجلّد الثالث [١ / ١٨٢]. منه (قدس سره).
(٤) ص ٢٨ من الجزء الثالث [٢ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣ حوادث سنة ٢٣ هـ]. منه (قدس سره).
(٥) النّشزُ والنّشَزُ : المكان أو المتْن المرتفع من الأرض ، وما ارتفع عن الوادي إلى الأرض ؛ انظر مادّة «نشز» في : لسان العرب ١٤ / ١٤٣ ، تاج العروس ٨ / ١٥٩.