وهو صريحٌ في أنّ النهي إنّما هو من عمر بعدما استمرّت الحلّية إلى زمانه ، وأنّهم تركوهما اتّقاءً من عمر ؛ بشهادة أنّ متعة الحجِّ مما اتّفقت كلمةُ المسلمين على حلّيتها ، فلولا التقيّة لم يمتنعوا عنها.
ومنها : ما رواه مسلم أيضاً (١) ، عن عطاء ، قال : «قدم جابر بن عبد الله معتمراً ، فجئناه في منزله ، فسأله القوم عن أشياء ، ثمّ ذكروا المتعة ، فقال : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله ، وأبي بكر ، وعمر».
ومثله في «مسند أحمد» (٢) ، بسند حديث مسلم ، وزاد فيه : «حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر».
وهو صريح في بنائهم على الحلّية في هذه الأوقات ، وليس بجائز أن يخفى النسخُ على المسلمين إلى أن ينهى عمر!
ومنها : ما رواه مسلم (٣) ، عن عروة بن الزبير : «أنّ عبد الله بن الزبير قام بمكّة ، فقال : إنّ ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يُفتون بالمتعة ؛ يعرّض برجل.
فناداه ، فقال : إنّك لَجِلفٌ جاف ، فلعمري لقد كانت المتعة تُفعل على عهد إمام المتّقين ؛ يريدُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال له ابن الزبير : فجرّب بنفسك ، فوالله لئن فعلتها لأرجمنّك بأحجارك».
فإنّ قوله «تُفعل على عهد إمام المتّقين» ظاهرٌ في الاستمرار إلى حين وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وإلاّ لم يكن ردّاً لابن الزبير.
__________________
(١) في الباب المذكور أيضاً [٤ / ١٣١]. منه (قدس سره).
(٢) ص ٣٨٠ ج ٣. منه (قدس سره).
(٣) في الباب السابق أيضاً [٤ / ١٣٣]. منه (قدس سره).