قال : أنشدكم الله والإسلام! هل تعلمون أنّي جهّزت جيش العسرة من مالي؟!
قالوا : اللّهمّ نعم.
قال : أنشدكم الله والإسلام! هل تعلمون أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بثَبير (١) مكّة ومعه أبو بكر وعمر وأنا ، فتحرّك الجبلُ حتّى تساقطت حجارته بالحضيض ، فركضه برجله ، قال : أسكن ثبيرُ! فإنّما عليك نبيٌّ وصديقٌ وشهيدان؟!
قالوا : اللّهمّ نعم.
قال : الله أكبر! شَهِدوا ، وإنّي شهيدٌ وربّ الكعبة ؛ ثلاثاً» (٢).
هذا روايات «الصحاح» ..
وقد ثبت من نصوص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ عثمان شهيد (٣) ، ثمّ جاء البوّال الذي استوى قوله وبوله ، فيجعله كالكفّار ، ولا يقبل دفنه مع المسلمين ، أُفّ له وتُفّ ، والصفع على رقبته بكلّ كفّ.
وأعجب من هذا أنّه يتّهم على أمير المؤمنين ، أنّه شارك في قتل عثمان ، وقد ذكر صاحب كتاب «نهج البلاغة» في مواضع من كلامه أنّه كان يتبرّأُ من قتل عثمان غاية التبرّي (٤).
وكان أشدّ الأشياء على أمير المؤمنين أن يشركه أحدٌ في قتل عثمان ،
__________________
(١) ثَبِيرٌ : من أعظم جبال مكّة ، بينها وبين عرفة ، سُمّي ثبيراً برجل من هُذيل مات في ذلك الجبل فعُرف به ؛ انظر : معجم البلدان ٢ / ٨٥ رقم ٢٧٦٩.
(٢) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٨٥ ـ ٥٨٦ ح ٣٧٠٣ ، سنن النسائي ٦ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦ كتاب الأحباس باب وقف المساجد ، كنز العمّال ١٣ / ٧٣ ـ ٧٤ ح ٣٦٢٨٠.
(٣) انظر : كنز العمّال ١٣ / ٦٥ ح ٣٦٢٦٥ وص ٩٥ ـ ٩٦ ح ٣٦٣٢٤.
(٤) انظر : شرح نهج البلاغة ٣ / ١٦ و ٦٣.