من الصلاة عليه ، بل يُستفاد منها اتّفاق عامّة الصحابة على المنع منها ولو بالرضا.
وكيف يتركون الصلاة والدفن الواجبين خوفاً من أهل الأمصار ، وهم أكثرُ منهم وأعزّ شأناً؟!
وما ذكره من هرب أمير المؤمنين (عليه السلام) خوفاً منهم ..
فمن الكذب المضحك ، وقد تركتُ القول فيه لقارئه!
بقيَ شيءٌ ، وهو ما يتعلّق بالأخبار التي استدلّ بها الخصم لإثبات مظلوميّة عثمان وحسن حاله ..
أمّا أوّلا ؛ فلأنّها من أخبارهم ، وقد عرفت مراراً أنّ ذِكرها في مقام المحاجة معنا عبثٌ ؛ لأنّها ليست حجةً علينا (١).
وأما ثانيا ؛ فلأنّ الرواية الأُولى ، الدالّة على صبر عثمان وعهد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه (٢) ، كاذبةٌ جزماً ، وإلاّ لأعلم النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الصحابةَ بمظلوميّته ؛ لئلاّ يقترفوا فيه الأُمور العظام ، وليدفعوا عنه شرّ الأنام ، فإنّهم أعدل العدول عند القوم.
مع أنّها معارضة بما يدلّ على عدم صبره ، وأنّه لو كان له ناصرٌ لفعل الأفاعيل ..
كالرواية المتقدّمة المصرّحة بكتابته إلى معاوية وابن عامر ويزيد بن أسد وأهل الشام ، يستفزّهم لحرب أهل المدينة ، وقال : إنّهم كفروا ، وأخلفوا الطاعة ، ونكثوا البيعة (٣).
__________________
(١) راجع الصفحتين ٦٤ و ٢٠٣ ، من هذا الجزء.
(٢) تقدّمت في الصفحة ٥٣٧ ، من هذا الجزء.
(٣) تقدّمت في الصفحة ٥٤٣ ، من هذا الجزء.