لأنّ ذلك لا يدرك إلاّ بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلاّ قليلا ، فان شكوا ثقلا (١) أو علّة أو انقطاع شرب أو بالّة أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم. ولا يثقلنّ عليك شىء خفّفت به المؤونة عنهم فإنّه ذحر يعودون به عليك فى عمارة بلادك ، وتزيين ولايتك ، مع استجلابك حسن ثنائهم ، وتبجّحك باستفاضة العدل فيهم (٢) معتمدا فضل قوّتهم (٣) بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم والثّقة منهم بما عوّدتهم من عدلك عليهم فى رفقك بهم ، فربّما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد
__________________
(١) إذا شكوا ثقل المضروب من مال الخراج أو نزول علة سماوية بزرعهم أضرت بثمراته ، أو انقطاع شرب ـ بالكسر ، أى : ماء فى بلاد تسقى بالأنهار ـ أو انقطاع بالة ـ أى : ما يبل الأرض من ندى ومطر فيما تسقى بالمطر ـ أو إحالة أرض ـ بكسر همزة إحالة ، أى : تحويلها البذر إلى فساد بالتعفن لما اغتمرها ، أى : عمها من الغرق فصارت غمقة ـ كفرحة ـ أى : غلب عليها الندى والرطوبة حتى صار البذر فيها غمقا ـ ككتف ـ أى : له رائحة خمة وفساد ، ونقصت لذلك غلاتهم أو أجحف العطش ـ أى : ذهب بمادة الغذاء من الأرض فلم ينبت ، فعليك عند الشكوى أن تخفف عنهم
(٢) التبجح : السرور بما يرى من حسن عمله فى العدل
(٣) أى : متخذا زيادة قوتهم عمادا لك تستند إليه عند الحاجة ، وأنهم يكونون سندا بما ذخرت عندهم من إجمامك ، أى : إراحتك لهم ، «والثقة» منصوب بالعطف على «فضل»