احتملوه طيبة أنفسهم به (١) فانّ العمران محتمل ما حمّلته ، وإنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها ، وإنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع (٢) وسوء ظنّهم بالبقاء ، وقلّة انتفاعهم بالعبر
ثمّ انظر فى حال كتّابك (٣) فولّ على أمورك خيرهم ، واخصص رسائلك الّتى تدخل فيها مكائدك وأسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق (٤) ممّن لا تبطره الكرامة فيجترىء بها عليك فى خلاف لك بحضرة ملأ ، ولا تقصر به الغفلة (٥) عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك وإصدار جواباتها على الصّواب
__________________
(١) طيبة ـ بكسر الطاء ـ : مصدر طاب ، وهو علة لاحتملوه ، أى : لطيب أنفسهم باحتماله فان العمران ما دام قائما وناميا فكل ما حملت أهله سهل عليهم أن يحتملوا ، كذا قال الاستاذ الامام رحمه اللّه ، وعندى أن «طيبة» بتشديد الياء ـ منصوب على الحالية ، و «أنفسهم» مرفوع على أنه فاعل بطيبة ، ويجوز أن يكون «طيبة» مرفوعا على أنه خبر مقدم ، و «أنفسهم» مبتدأ مؤخر ، والجملة فى محل نصب على الحال ، وأى هذين الوجهين أقرب مما ذكره ، والاعواز : الفقر والحاجة
(٢) لتطلع أنفسهم إلى جمع المال ادخارا لما بعد زمن الولاية إذا عزلوا
(٣) «ثم انظر ـ الخ» انتقال من الكلام فى أهل الخراج إلى الكلام فى الكتاب : جمع كاتب
(٤) بأجمعهم : متعلق باخصص ، أى : ما يكون من رسائلك حاويا لشىء من المكائد للأعداء وما يشبه ذلك من أسرارك فاخصصه بمن فاق غيره فى جميع الأخلاق الصالحة ، ولا تبطره ـ أى : لا تطغيه ـ الكرامه فيجرأ على مخالفتك فى حضور ملأ وجماعة من الناس فيضر ذلك بمنزلتك منهم
(٥) لا تكون غفلته موجبة لتقصيره فى إطلاعك على ما يرد من أعمالك ، ولا فى