عنك فيما يأخذ لك ويعطى منك ، ولا يضعف عقدا اعتقده لك ، ولا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك (١) ، ولا يجهل مبلغ قدر نفسه فى الأمور ، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل ، ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك واستنامتك (٢) وحسن الظّنّ منك ، فإنّ الرّجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم وحسن خدمتهم (٣) ، وليس وراء ذلك من النّصيحة والأمانة شىء ، ولكن اختبرهم بما ولّوا للصّالحين قبلك : فاعمد لأحسنهم كان فى العامّة أثرا ، وأعرفهم بالأمانة وجها ، فإنّ ذلك دليل على نصيحتك للّه ولمن ولّيت أمره ، واجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم (٤) لا يقهره كبيرها ، ولا يتشتّت عليه كثيرها ، ومهما كان فى كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته (٥)
__________________
إصدار الأجوبة عنه على وجه الصواب ، بل يكون من النباهة والحذق بحيث لا يفوته شىء من ذلك
(١) أى : يكون خبيرا بطرق المعاملات بحيث إذا عقد لك عقدا فى أى نوع منها لا يكون ضعيفا ، بل يكون محكما جزيل الفائدة لك ، وإذا وقعت مع أحد فى عقد كان ضرره عليك لا يعجز عن حل ذلك العقد
(٢) الفراسة ـ بالكسر ـ : قوة الظن وحسن النظر فى الأمور ، والاستنامة : السكون والثقة ، أى : لا يكون انتخاب الكتاب تابعا لميلك الخاص
(٣) «يتعرفون للفراسات» أى : يتوسلون إليها لتعرفهم
(٤) أى : اجعل لرئاسة كل دائرة من دوائر الأعمال رئيسا من الكتاب مقتدرا على ضبطها لا يقره عظيم تلك الأعمال ، ولا يخرج عن ضبطه كثيرها
(٥) إذا تغابيت ـ أى : تغافلت ـ عن عيب فى كتابك كان ذلك العيب لاصقا بك