بذمّتك ولا تخيسنّ بعهدك (١) ولا تختلنّ عدوّك ، فانّه لا يجترئ على اللّه إلاّ جاهل شقىّ. وقد جعل اللّه عهده وذمّته أمنا أفضاه بين العباد برحمته (٢) ، وحريما يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره (٣) فلا إدغال ولا مدالسة (٤) ولا خداع فيه ، ولا تعقد عقدا تجوّز فيه العلل (٥) ، ولا تعوّلنّ على لحن قول بعد التّأكيد والتّوثقة ، ولا يدعونّك ضيق أمر لزمك فيه عهد اللّه إلى طلب انفساخه بغير الحقّ ، فإنّ صبرك على ضيق أمر ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته ، وأن تحيط بك من اللّه فيه طلبة (٦) ،
__________________
فى تأويل مصدر ، أى : استيبالهم
(١) خاس بعهده : خان ونقضه. والختل : الخداع.
(٢) الأمن : الأمان ، و «أفضاه» هنا بمعنى أفشاه ، وأصله المزيد من «فضا فضوا» ـ من باب قعد ـ أى : اتسع ، فالرباعى بمعنى وسعه ، والسعة مجازية يراد بها الافشاء والانتشار. والحريم : ما حرم عليك أن تمسه ، والمنعة ـ بالتحريك ـ ما تمتنع به من القوة
(٣) «يستفيضون» أى : يفزعون إليه بسرعة
(٤) الادغال : الافساد. والمدالسة : الخيانة
(٥) العلل : جمع علة ، وهى فى النقد والكلام ، بمعنى ما يصرفه عن وجهه ويحوله إلى غير المراد ، وذلك يطرأ على الكلام عند إبهامه وعدم صراحته. ولحن القول : ما يقبل التوجيه كالتورية والتعريض ، فاذا تعلل بهذا المقاعد لك وطلب شيئا لا يوافق ما أكدته وأخذت عليه الميثاق فلا تعول عليه. وكذلك لو رأيت ثقلا من التزام العهد فلا تركن إلى لحن القول لتتملص منه ، فخذ بأصرح الوجوه لك وعليك
(٦) و «أن تحيط» : عطف على «تبعة» أى : وتخاف أن تتوجه عليك من اللّه مطالبة بحقه فى الوفاء الذى غدرته ويأخذ الطلب بجميع أطرافك فلا يمكنك