فلا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك.
إيّاك والدّماء وسفكها بغير حلّها ، فإنّه ليس شىء أدنى لنقمة ، ولا أعظم لتبعة ، ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدّة ، من سفك الدّماء بغير حقّها ، واللّه سبحانه مبتدىء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدّماء يوم القيامة ، فلا تقوّينّ سلطانك بسفك دم حرام ، فانّ ذلك ممّا يضعفه ويوهنه بل يزيله وينقله ، ولا عذر لك عند اللّه ولا عندى فى قتل العمد ، لأنّ فيه قود البدن (١) ، وإن ابتليت بخطإ وأفرط عليك سوطك (٢) أو سيفك أو يدك بالعقوبة ، فانّ فى الوكزة فما فوقها مقتلة ، فلا تطمحنّ بك نخوة سلطانك عن أن تؤدّى إلى أولياء المقتول حقّهم. وإيّاك والاعجاب بنفسك ، والثّقة بما يعجبك منها ، وحبّ الأطراء (٣) فإنّ
__________________
التخلص منه ويصعب عليك أن تسأل اللّه أن يقيلك من هذه المطالبة بعفو عنك فى دنيا أو آخرة بعد ما تجرأت على عهده بالنقض
(١) القود ـ بالتحريك ـ : القصاص ، وإضافته للبدن لأنه يقع عليه
(٢) أفرط عليك : عجل بما لم تكن تريده : أردت تأديبا فأعقب قتلا. وقوله «فان فى الوكزة» تعليل لأفرط ، والوكزة ـ بفتح فسكون ـ : الضربة بجمع الكف ـ بضم الجيم ، أى : قبضته ـ وهى المعروفة باللكمة. وقوله «فلا تطمحن» أى : ترتفعن بك كبرياء السلطان عن تأدية الدية إليهم فى القتل الخطأ ، جواب الشرط
(٣) الاطراء : المبالغة فى الثناء ، والفرصة ـ بالضم ـ : حادث يمكنك لو سعيت من الوصول لمقصدك ، والعجب فى الانسان من أشد الفرص لتمكين الشيطان من قصده ـ وهو محق الاحسان ـ بما يتبعه من الغرور والتعالى بالفعل على من وصل اليه أثره